Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 38-39)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ } حكاية حال ماضية { سَخِرُواْ مِنْهُ } ومن عمله السفينة ، وكان يعملها في برية بهماء في أبعد موضع من الماء ، وفي وقت عزَّ الماء فيه عزة شديدة ، فكانوا يتضاحكون ويقولون له يا نوح ، صرت نجاراً بعد ما كنت نبياً { فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ } يعني في المستقبل { كَمَا تَسْخَرُونَ } منا الساعة ، أي نسخر منكم سخرية مثل سخريتكم إذا وقع عليكم الغرق في الدنيا والحرق في الآخرة . وقيل إن تستجهلونا فيما نصنع فإنا نستجهلكم فيما أنتم عليه من الكفر والتعرّض لسخط الله وعذابه ، فأنتم أولى بالاستجهال منا . أو إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم في استجهالكم ، لأنكم لا تستجهلون إلا عن جهل بحقيقة الأمر ، وبناء على ظاهر الحال كما هو عادة الجهلة في البعد عن الحقائق . وروي أنّ نوحاً عليه السلام اتخذ السفينة في سنتين ، وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعاً ، وطولها في السماء ثلاثون ذراعاً ، وكانت من خشب الساج وجعل لها ثلاثة بطون ، فحمل في البطن الأسفل الوحوش والسباع والهوام ، وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام ، وركب هو ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد ، وحمل معه جسد آدم عليه السلام وجعله معترضاً بين الرجال والنساء ، وعن الحسن كان طولها ألفاً ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة . وقيل إنّ الحواريين قالوا لعيسى عليه السلام لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينة يحدّثنا عنها ، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفا من ذلك التراب فقال أتدرون من هذا ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال هذا كعب بن حام . قال فضرب الكثيب بعصاه فقال قم بإذن الله ، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى عليه السلام هكذا أهلكت ؟ قال لا ، مت وأنا شاب ، ولكنني ظننت أنها الساعة فمن ثمت شبت . قال حدثنا عن سفينة نوح . قال كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، وكانت ثلاث طبقات طبقة للدواب والوحوش ، وطبقة للإنس ، وطبقة للطير . ثم قال له عد بإذن الله كما كنت ، فعاد تراباً { مَن يَأْتِيهِ } في محل النصب بتعلمون ، أي فسوف تعلمون الذي يأتيه عذاب يخزيه ، ويعني به إياهم ، ويريد بالعذاب عذاب الدنيا وهو الغرق { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ } حلول الدين والحق اللازم الذي لا انفكاك له عنه { عَذَابٌ مُّقِيمٌ } وهو عذاب الآخرة .