Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 40-41)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حَتَّىٰ } هي التي يبتدأ بعدها الكلام ، دخلت على الجملة من الشرط والجزاء . فإن قلت وقعت غاية لماذا ؟ قلت لقوله ويصنع الفلك ، أي وكان يصنعها إلى أن جاء وقت الموعد ، فإن قلت فإذا اتصلت « حتى » بيصنع فما تصنع بما بينهما من الكلام ؟ قلت هو حال من يصنع ، كأنه قال يصنعها والحال أنه كلما مرّ عليه ملأ من قومه سخروا منه . فإن قلت فما جواب كلما ؟ قلت أنت بين أمرين إما أن تجعل « سخروا » جواباً و « قال » استئنافاً ، على تقدير سؤال سائل ، أو تجعل « سخروا » بدلاً من « مرّ » أو صفة « لملأ » و « قال » جواباً . { وَأَهْلَكَ } عطف على اثنين ، وكذلك { وَمَنْ ءامَنَ } يعني واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم . واستثنى من أهله من سبق عليه القول أنه من أهل النار ، وما سبق عليه القول بذلك إلا للعلم بأنه يختار الكفر ، لا لتقديره عليه وإرادته به - تعالى الله عن ذلك - قال الضحاك أراد ابنه وامرأته { إِلاَّ قَلِيلٌ } روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال 525 " كانوا ثمانية نوح وأهله ، وبنوه الثلاثة ، ونساؤهم " وعن محمد بن إسحاق كانوا عشرة خمسة رجال وخمس نسوة . وقيل كانوا اثنين وسبعين رجلاً وامرأة ، وأولاد نوح سام وحام ويافث ، ونساؤهم فالجميع ثمانية وسبعون نصفهم رجال ونصفهم نساء . ويجوز أن يكون كلاماً واحداً وكلامين فالكلام الواحد أن يتصل { بِسْمِ اللَّهِ } بـ اركبوا حالا من الواو ، بمعنى اركبوا فيها مسمين الله أو قائلين بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها ، إما لأن المجرى والمرسى للوقت ، وإما لأنهما مصدران كالإجراء والإرساء ، حذف منهما الوقت المضاف ، كقولهم خفوق النجم ، ومقدم الحاج . ويجوز أن يراد مكاناً الإجراء والإرساء ، وانتصابهما بما في { بِسْمِ اللَّهِ } من معنى الفعل ، أو بما فيه من إرادة القول . والكلامان أن يكون { بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } جملة من مبتدأ وخبر مقتضبه ، أي بسم الله إجراؤها وإرساؤها . يروى أنه كان إذا أراد أن تجري قال بسم الله فجرت ، وإذا أراد أن ترسو قال بسم الله فرست ، ويجوز أن يقحم الاسم ، كقوله @ ثُمَّ اسْمُ السَّلاَمِ عَلَيْكُمَا @@ ويراد بالله إجراؤها وإرساؤها ، أي بقدرته وأمره . وقرىء { مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا } بفتح الميم ، من جرى ورسى ، إما مصدرين أو وقتين أو مكانين . وقرأ مجاهد { مجريها ومرسيها } بلفظ اسم الفاعل ، مجروري المحل ، صفتين لله . فإن قلت ما معنى قولك جملة مقتضبة ؟ قلت معناه أن نوحاً عليه السلام أمرهم بالركوب ، ثم أخبرهم بأن مجراها ومرساها بذكر اسم الله أو بأمره وقدرته . ويحتمل أن تكون غير مقتضيه بأن تكون في موضع الحال كقوله @ وَجَاؤُنَا بِهِمْ سَكَرٌ عَلَيَنا @@ فلا تكون كلاماً برأسه ، ولكن فضلة من فضلات الكلام الأوّل ، وانتصاب هذه الحال عن ضمير الفلك ، كأنه قيل اركبوا فيها مجراة ومرساة بسم الله بمعنى التقدير ، كقوله تعالى { فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } الزمر 73 . { إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } لولا مغفرته لذنوبكم ورحمته إياكم لما نجاكم .