Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 87-87)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

كان شعيب عليه السلام كثير الصلوات ، وكان قومه إذا رأوه يصلي تغامزوا وتضاحكوا ، فقصدوا بقولهم { أَصَلَوٰتُكَ تَأْمُرُكَ } السخرية والهزء - والصلاة وإن جاز أن تكون آمرة على طريق المجاز ، كما كانت ناهية في قوله { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ } العنكبوت 45 وأن يقال إنّ الصلاة تأمر بالجميل والمعروف ، كما يقال تدعو إليه وتبعث عليه - إلا أنهم ساقوا الكلام مساق الطنز وجعلوا الصلاة آمرة على سبيل التهكم بصلاته ، وأرادوا أنّ هذا الذي تأمر به من ترك عبادة الأوثان باطل لا وجه لصحته ، وأنّ مثله لا يدعوك إليه داعي عقل ، ولا يأمرك به آمر فطنة ، فلم يبق إلا أن يأمرك به آمر هذيان ووسوسة شيطان ، وهو صلواتك التي تداوم عليها في ليلك ونهارك ، وعندهم أنها من باب الجنون ومما يتولع به المجانين والموسوسون من بعض الأقوال والأفعال . ومعنى تأمرك { أَن نَّتْرُكَ } تأمرك بتكليف أن نترك { مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا } لحذف المضاف الذي هو التكليف ، لأنّ الإنسان لا يؤمر بفعل غيره . وقرىء { أصلاتك } بالتوحيد . وقرأ ابن أبي عبلة « أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء » بتاء الخطاب فيهما ، وهو ما كان يأمرهم به من ترك التطفيف والبخس ، والاقتناع بالحلال القليل من الحرام الكثير . وقيل كان ينهاهم عن حذف الدراهم والدنانير وتقطيمها ، وأرادوا بقولهم { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } نسبته إلى غاية السفه والغيّ ، فعكسوا ليتهكموا به ، كما يتهكم بالشحيح الذي لا يبضّ حجره ، فيقال له لو أبصرك حاتم لسجد لك . وقيل معناه إنك للمتواصف بالحلم والرشد في قومك ، يعنون أنّ ما تأمر به لا يطابق حالك وما شهرت به .