Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 43-43)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما دنا فرج يوسف ، رأى ملك مصر « الريان بن الوليد » رؤيا عجيبة هالته رأى سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس . وسبع بقرات عجاف ، فابتلعت العجاف السمان . ورأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها ، وسبعاً أخر يابسات قد استحصدت وأدركت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها ، فاستعبرها فلم يجد في قومه من يحسن عبارتها { سِمَانٍ } جمع سمين وسمينة ، وكذلك رجال ونسوة كرام . فإن قلت هل من فرق بين إيقاع { سِمَانٍ } صفة للمميز وهو { بَقَرٰتٍ } دون المميز وهو { سَبْعَ } وأن يقال سبع بقرات سمانا ؟ قلت إذا أوقعتها صفة لبقرات . فقد قصدت إلى أن تميز السبع بنوع من البقرات وهي السمان منهنّ لا بجنسهنّ . ولو وصفت بها السبع لقصدت إلى تمييز السبع بجنس البقرات لا بنوع منها ، ثم رجعت فوصفت المميز بالجنس بالسمن . فإن قلت هلا قيل سبع عجاف على الإضافة ؟ قلت ، التمييز موضوع لبيان الجنس ، والعجاف وصف لا يقع البيان به وحده . فإن قلت فقد يقولون ثلاثة فرسان وخمسة أصحاب ؟ قلت الفارس والصاحب والراكب ونحوها صفات جرت مجرى الأسماء فأخذت حكمها وجاز فيها ما لم يجز في غيرها . ألا تراك لا تقول عندي ثلاثة ضخام وأربعة غلاظ . فإن قلت ذاك مما يشكل وما نحن بسبيله لا إشكال فيه . ألا ترى أنه لم يقل بقرات سبع عجاف ، لوقوع العلم بأنّ المراد البقرات ؟ قلت ترك الأصل لا يجوز مع وقوع الاستغناء عما ليس بأصل ، وقد وقع الاستغناء بقولك { سَبْعٌ عِجَافٌ } عما تقترحه من التمييز بالوصف . والعجف الهزال الذي ليس بعده ، والسبب في وقوع « عجاف » جمعا « لعجفاء » وأفعل وفعلاء لا يجمعان على فعال حمله على سمان ، لأنه نقيضه ، ومن دأبهم حمل النظير على النظير ، والنقيض على النقيض . فإن قلت هل في الآية دليل على أنّ السنبلات اليابسة كانت سبعاً كالخضر ؟ قلت الكلام مبني على انصبابه إلى هذا العدد في البقرات السمان والعجاف والسنابل الخضر ، فوجب أن يتناول معنى الأخر السبع ، ويكون قوله { وَأُخَرَ يَـٰبِسَـٰتٍ } بمعنى وسبعاً أخر . فإن قلت هل يجوز أن يعطف قوله { وَأُخَرَ يَـٰبِسَـٰتٍ } على { سُنبُلَـٰتٍ خُضْرٍ } فيكون مجرور المحل ؟ قلت يؤدي إلى تدافع ، وهو أن عطفها على { سُنبُلَـٰتٍ خُضْرٍ } يقتضي أن تدخل في حكمها فتكون معها مميزاً للسبع المذكورة ، ولفظ الأخر يقتضي أن تكون غير السبع ، بيانه أنك تقول عندي سبعة رجال قيام وقعود ، بالجرّ ، فيصح لأنك ميزت السبعة برجال موصوفين بالقيام والقعود ، على أنّ بعضهم قيام وبعضهم قعود فلو قلت عنده سبعة رجال قيام وآخرين قعود ، تدافع ففسد { يٰأَيُّهَا ٱلْمَلاَ } كأنه أراد الأعيان من العلماء والحكماء . واللام في قوله { لِلرُّؤْيَا } إما أن تكون للبيان ، كقوله { وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزاهِدِينَ } يوسف 20 وإماأن تدخل لأنّ العامل إذا تقدّم عليه معموله لم يكن في قوّته على العمل فيه مثله إذا تأخر عنه ، فعضد بها كما يعضد بها اسم الفاعل ، إذا قلت هو عابر للرؤيا لانحطاطه عن الفعل في القوة . ويجوز أن يكون للرؤيا خبر كان ، كما تقول كان فلان لهذا الأمر إذا كان مستقلا به متمكنا منه . و { تَعْبُرُونَ } خبر آخر ، أو حال ، وأن يضمن { تَعْبُرُونَ } معنى فعل يتعدى باللام ، كأنه قيل إن كنتم تنتدبون لعبارة الرؤيا . وحقيقة « عبرت الرؤيا » ذكرت عاقبتها وآخر أمرها ، كما تقول عبرت النهر ، إذا قطعته حتى تبلغ آخر عرضه وهو عبره . ونحوه أولت الرؤيا إذا ذكرت مآلها وهو مرجعها . وعبرت الرؤيا - بالتخفيف ، هو الذي اعتمده الأثبات ، ورأيتهم ينكرون « عبرت » بالتشديد والتعبير والمعبر . وقد عثرت على بيت أنشده المبرد في كتاب الكامل لبعض الأعراب