Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 42-42)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ } الظانّ هو يوسف إن كان تأويله بطريق الاجتهاد ، وإن كان بطريق الوحي فالظان هو الشرابي ، ويكون الظنّ بمعنى اليقين { ٱذْكُرْنِى عِندَ رَبّكَ } صفني عند الملك بصفتي ، وقص عليه قصتي لعله يرحمني وينتاشني من هذه الورطة { فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } فأنسى الشرابي { ذِكْرَ رَبّهِ } أن يذكره لربه . وقيل فأنسي يوسف ذكر الله حين وكل أمره إلى غيره { بِضْعَ سِنِينَ } البضع ما بين الثلاث إلى التسع ، وأكثر الأقاويل على أنه لبث فيه سبع سنين . فإن قلت كيف يقدر الشيطان على الإنسان ؟ قلت يوسوس إلى العبد بما يشغله عن الشيء من أسباب النسيان ، حتى يذهب عنه ويزل عن قلبه ذكره ، وأما الإنساء ابتداء فلا يقدر عليه إلا الله عز وجل { مَا نَنسَخْ مِنْ ءايَةٍ أَوْ نُنسِهَا } البقرة 106 . فإن قلت ما وجه إضافة الذكر إلى ربه إذا أريد به الملك ؟ وما هي بإضافة المصدر إلى الفاعل ولا إلى المفعول ؟ قلت قد لابسه في قولك فأنساه الشيطان ذكر ربه ، أو عند ربه فجازت إضافته إليه ، لأنّ الإضافة تكون بأدنى ملابسة . أو على تقدير فأنساه الشيطان ذكر أخبار ربه ، فحذف المضاف الذي هو الإخبار . فإن قلت لم أنكر على يوسف الاستعانة بغير الله في كشف ما كان فيه ، وقد قال الله تعالى { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ } المائدة 2 وقال حكاية عن عيسى عليه السلام { مَنْ أَنصَارِى إِلَى ٱللَّهِ } آل عمران 52 وفي الحديث 544 " الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم " . 545 " من فرّج عن مؤمن كربة فرّج الله عنه كربة من كربات الآخرة " وعن عائشة رضي الله عنها 546 " أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأخذه النوم ليلة من الليالي ، وكان يطلب من يحرسه حتى جاء سعد فسمعت غطيطه " وهل ذلك إلا مثل التداوي بالأدوية والتقوّى بالأشربة والأطعمة . وإن كان ذلك لأنّ الملك كان كافراً ، فلا خلاف في جواز أن يستعان بالكفار في دفع الظلم والغرق والحرق ونحو ذلك من المضارّ ؟ قلت كما اصطفى الله تعالى الأنبياء على خليقته فقد اصطفى لهم أحسن الأمور وأفضلها وأولاها والأحسن والأولى بالنبي أن لا يكل أمره إذا ابتلي ببلاء إلا إلى ربه ، ولا يعتضد إلا به ، خصوصاً إذا كان المعتضد به كافراً لئلا يشمت به الكفار ويقولوا لو كان هذا على الحق وكان له رب يغيثه لما استغاث بنا . وعن الحسن أنه كان يبكي إذا قرأها ويقول نحن إذا نزل بنا أمر فزعنا إلى الناس .