Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 35-36)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ } يعني البلد الحرام ، زاده الله أمناً ، وكفاه كل باغ وظالم ، وأجاب فيه دعوة خليله إبراهيم عليه السلام { ءَامِناً } ذا أمن . فإن قلت أي فرق بين قوله { ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا } البقرة 126 وبين قوله { ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ ءَامِنًا } ؟ قلت قد سأل في الأوّل أن يجعله من جملة البلاد التي يأمن أهلها ولا يخافون ، وفي الثاني أن يخرجه من صفة كان عليها من الخوف إلى ضدها من الأمن ، كأنه قال هو بلد مخوف ، فاجعله آمناً { وَٱجْنُبْنِى } وقرىء « وأجنبني » ، وفيه ثلاث لغات جنبه الشر ، وجنبه ، وأجنبه فأهل الحجاز يقولون جنبني شره بالتشديد ، وأهل نجد جنبني وأجنبني ، والمعنى ثبتنا وأدمنا على اجتناب عبادتها { وَبَنِىَّ } أراد بنيه من صلبه وسئل ابن عيينة كيف عبدت العرب الأصنام ؟ فقال ما عبد أحد من ولد إسماعيل صنماً ، واحتج بقوله { واجنبني وبني } { أَن نَّعْبُدَ ٱلأصْنَامَ } إنما كانت أنصاب حجارة لكل قوم ، قالوا البيت حجر ، فحيثما نصبنا حجراً فهو بمنزلة البيت ، فكانوا يدورون بذلك الحجر ويسمونه الدوار ، فاستحب أن يقال طاف بالبيت ، ولا يقال دار بالبيت { إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ ٱلنَّاسِ } فأعوذ بك أن تعصمني وبنيَّ من ذلك ، وإنما جعلن مضلات لأنّ الناس ضلوا بسببهنّ ، فكأنهنّ أضللنهم ، كما تقول فتنتهم الدنيا وغرّتهم ، أي افتتنوا بها واغتروا بسببها { فَمَن تَبِعَنِى } على ملتي وكان حنيفاً مسلماً مثلي { فَإِنَّهُ مِنِّى } أي هو بعضي لفرط اختصاصه بي وملابسته لي ، وكذلك قوله 573 " من غشنا فليس منا " أي ليس بعض المؤمنين ، على أنّ الغش ليس من أفعالهم وأوصافهم { وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } تغفر له ما سلف منه من عصياني إذا بدا له فيه واستحدث الطاعة لي . وقيل معناه ومن عصاني فيما دون الشرك .