Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 48-51)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ } انتصابه على البدل من يوم يأتيهم . أو على الظرف للانتقام . والمعنى يوم تبدّل هذه الأرض التي تعرفونها أرضاً أخرى غير هذه المعروفة ، وكذلك السموات . والتبديل التغيير ، وقد يكون في الذوات كقولك بدّلت الدراهم دنانير ومنه { بَدَّلْنَـٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } النساء 56 و { بدّلناهم بجنتيهم جنتين } سبأ 16 وفي الأوصاف ، كقولك بذلت الحلقة خاتماً ، إذا أذبتها وسويتها خاتماً ، فنقلتها من شكل إلى شكل ، ومنه قوله تعالى { فَأُوْلَـئِكَ يُبَدّلُ ٱللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَـٰتٍ } الفرقان 70 واختلف في تبديل الأرض والسموات ، فقيل تبدّل أوصافها فتسير عن الأرض جبالها وتفجر بحارها . وتسوّى فلا يرى فيها عوج ولا أمت وعن ابن عباس هي تلك الأرض وإنما تغير ، وأنشد @ وَمَا النَّاسُ بِالنَّاسِ عَهِدْتَهُم وَلاَ الدَّارُ بِالدَّارِ الّتِي كُنْتَ تَعْلَم @@ وتبدّل السماء بانتثار كواكبها ، وكسوف شمسها ، وخسوف قمرها ، وانشقاقها ، وكونها أبواباً . وقيل يخلق بدلها أرض وسموات أخر . وعن ابن مسعود وأنس يحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطىء عليها أحد خطيئة . وعن علي رضي الله عنه تبدّل أرضاً من فضة ، وسموات من ذهب . وعن الضحاك أرضاً من فضة بيضاء كالصحائف . وقرىء « يوم نبدّل الأرض » ، بالنون . فإن قلت كيف قال { ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارِ } ؟ قلت هو كقوله { لّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوٰحِدِ ٱلْقَهَّارِ } غافر 16 لأنّ الملك إذا كان لواحد غلاب لا يغالب ولا يعازّ فلا مستغاث لأحد إلى غيره ولا مستجار ، كان الأمر في غاية الصعوبة والشدّة { مُقْرِنِينَ } قرن بعضهم مع بعض . أو مع الشياطين . أو قرنت أيديهم إلى أرجلهم مغللين . وقوله { فِى ٱلأَصْفَادِ } إمّا أن يتعلق بمقرّنين ، أي يقرنون في الأصفاد . وإمّا أن لا يتعلق به ، فيكون المعنى مقرّنين مصفدين . والأصفاد القيود وقيل الأغلال ، وأنشد لسلامة بن جندل @ وَزَيْدُ الْخَيْلِ قَدْ لاَقَى صِفَادا يَعَضُّ بِسَاعِدٍ وَبِعَظْمِ سَاقِ @@ القطران فيه ثلاث لغات قطران ، وقطران وقطران بفتح القاف وكسرها مع سكون الطاء ، وهو ما يتحلب من شجر يسمى الأبهل فيطبخ ، فتهنأ به الإبل الجربى ، فيحرق الجرب بحرّه وحدّته ، والجلد ، وقد تبلغ حرارته الجوف ، ومن شأنه أن يسرع في اشتغال النار ، وقد يستسرج به ، وهو أسود اللون منتن الريح ، فتطلى به جلود أهل النار حتى يعود طلاؤه لهم كالسرابيل وهي القمص ، لتجتمع عليهم الأربع لذع القطران . وحرقته ، وإسراع النار في جلودهم ، واللون الوحش ، ونتن الريح . على أن التفاوت بين القطرانين كالتفاوت بين النارين ، وكل ما وعده الله أو وعد به في الآخرة ، فبينه وبين ما نشاهد من جنسه ما لا يقادر قدره ، وكأنه ما عندنا منه إلا الأسامي والمسميات ثمة ، فبكرمه الواسع نعوذ من سخطه ، ونسأله التوفيق فيما ينجينا من عذابه ، وقرىء « من قطران » والقطر النحاس أو الصفر المذاب . والآني المتناهي حرّه { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمْ ٱلنَّارُ } كقوله تعالى { أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوء ٱلْعَذَابِ } الزمر 24 ، { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِى ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } القمر 48 لأن الوجه أعز موضع في ظاهر البدن وأشرفه ، كالقلب في باطنه ، ولذلك قال { تَطَّلِعُ عَلَى ٱلاْفْئِدَةِ } الهمزة 7 وقرىء « وتغشى وجوههم » ، بمعنى تتغشى أي يفعل بالمجرمين ما يفعل { لِيَجْزِىَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ } مجرمة { مَّا كَسَبَتْ } أو كل نفس من مجرمة ومطيعة لأنه إذا عاقب المجرمين لإجرامهم علم أنه يثيب المطيعين لطاعتهم .