Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 61-66)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مُنكِرُونَ } أي تنكركم نفسي وتنفر منكم ، فأخاف أن تطرقوني بشرّ ، بدليل قوله { بَلْ جِئْنَـٰكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } أي ما جئناك بما تنكرنا لأجله ، بل جئناك بما فيه فرحك وسرورك وتشفيك من عدوّك ، وهو العذاب الذي كنت تتوعدهم بنزوله ، فيمترون فيه ويكذبونك { بِٱلْحَقّ } باليقين من عذابهم { وِإِنَّا لَصَـٰدِقُونَ } في الإخبار بنزوله بهم . وقرىء « فأسر » بقطع الهمزة ووصلها ، من أسرى وسرى . وروى صاحب الإقليد فسر ، من السير والقطع في آخر الليل . قال @ افْتَحِى الْبَابَ وانْظُرِي في النُّجُوم كَمْ عَلَيْنَا من قِطعِ لَيْلٍ بَهِيم @@ وقيل هو بعد ما يمضي شيء صالح من الليل . فإن قلت ما معنى أمره باتباع أدبارهم ونهيهم عن الالتفات ؟ قلت قد بعث الله الهلاك على قومه ، ونجاه وأهله إجابة لدعوته عليهم ، وخرج مهاجراً فلم يكن له بدّ من الاجتهاد في شكر الله وإدامة ذكره وتفريغ باله لذلك ، فأمر بأن يقدّمهم لئلا يشتغل بمن خلفه قلبه ، وليكون مطلعاً عليهم وعلى أحوالهم ، فلا تفرط منهم التفاتة احتشاماً منه ولا غيرها من الهفوات في تلك الحال المهولة المحذورة ، ولئلا يتخلف منهم أحد لغرض له فيصيبه العذاب ، وليكون مسيره مسير الهارب الذي يقدّم سربه ويفوت به ، ونهوا عن الالتفات لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم ، وليوطنوا نفوسهم على المهاجرة ويطيبوها عن مساكنهم ، ويمضوا قدماً غير ملتفتين إلى ما وراءهم كالذي يتحسر على مفارقة وطنه فلا يزال يلوي إليه أخادعه ، كما قال @ تَلَفَّتُّ نَحْوَ حَييِّ حتى وَجَدتُنِي وَجِعْتُ مِنَ الإِصْغَاءِ لِيتاً وَأَخْدَعَا @@ أو جعل النهي عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف ، لأنّ من يلتفت لا بدّ له في ذلك من أدنى وقفة { حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } قيل هو مصر وعدي { وامضوا } الى { حيث } تعديته الى الظرف المبهم لأن { حَيْثُ } مبهم في الأمكنة ، وكذلك الضمير في { تَأْمُرُونَ } وعدي { قَضَيْنَا } بإلى لأنه ضمن معنى أوحينا ، كأنه قيل وأوحينا إليه مقضياً مبتوتاً . وفسر { ذَلِكَ ٱلأَمْرُ } بقوله { أَنَّ دَابِرَ هَـؤُلآْء مَقْطُوعٌ } وفي إبهامه وتفسيره تفخيم للأمر وتعظيم له . وقرأ الأعمش « إن » ، بالكسر على الاستئناف كأن قائلاً قال أخبرنا عن ذلك الأمر ، فقال إنّ دابر هؤلاء . وفي قراءة ابن مسعود « وقلنا إنّ دابر هؤلاء » . ودابرهم آخرهم ، يعني يستأصلون عن آخرهم حتى لا يبقى منهم أحد .