Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 90-91)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فإن قلت بم تعلق قوله { كَمَآ أَنْزَلْنَا } ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما ، أن يتعلق بقوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ } الحجر 87 أي أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب وهم المقتسمون { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ ٱلْقُرْءانَ عِضِينَ } حيث قالوا بعنادهم وعدوانهم بعضه حق موافق للتوراة والإنجيل ، وبعضه باطل مخالف لهما ، فاقتسموه إلى حق وباطل ، وعضوه . وقيل كانوا يستهزؤن به فيقول بعضهم سورة البقرة لي ، ويقول الآخر سورة آل عمران لي ، ويجوز أن يراد بالقرآن ما يقرؤنه من كتبهم ، وقد اقتسموه بتحريفهم ، وبأنّ اليهود أقرّت ببعض التوراة وكذبت ببعض ، والنصارى أقرت ببعض الإنجيل وكذبت ببعض ، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن صنيع قومه بالقرآن وتكذيبهم ، وقولهم سحر وشعر وأساطير ، بأن غيرهم من الكفرة فعلوا بغيره من الكتب نحو فعلهم . والثاني أن يتعلق بقوله { وَقُلْ إِنّى أَنَا ٱلنَّذِيرُ ٱلْمُبِينُ } الحجر 89 أي وأنذر قريشاً مثل ما أنزلنا من العذاب على المقتسمين ، يعني اليهود ، وهو ما جرى على قريظة والنضير ، جعل المتوقع بمنزلة الواقع ، وهو من الإعجاز لأنه إخبار بما سيكون وقد كان . ويجوز أن يكون الذين جعلوا القرآن عضين منصوباً بالنذير ، أي أنذر المعضين الذين يجزؤن القرآن إلى سحر وشعر وأساطير ، مثل ما أنزلنا على المقتسمين وهم الاثنا عشر الذين اقتسموا مداخل مكة أيام الموسم ، فقعدوا في كل مدخل متفرّقين لينفروا الناس عن الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول بعضهم لا تغتروا بالخارج منا فإنه ساحر . ويقول الآخر كذاب ، والآخر شاعر ، فأهلكهم الله يوم بدر وقبله بآفات ، كالوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب وغيرهم ، أو مثل ما أنزلنا على الرهط الذين تقاسموا على أن يبيتوا صالحاً عليه السلام ، والاقتسام بمعنى التقاسم . فإن قلت إذا علقت قوله { كَمَآ أَنْزَلْنَا } بقوله { وَلَقَدْ ءاتَيْنَـٰكَ } الحجر 87 فما معنى توسط { لاَ تَمُدَّنَّ } الحجر 88 إلى آخره بينهما ؟ قلت لما كان ذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن تكذيبهم وعداوتهم ، اعترض بما هو مدد لمعنى التسلية من النهي عن الالتفات إلى دنياهم والتأسف على كفرهم ، ومن الأمر بأن يقبل بمجامعه على المؤمنين { عِضِينَ } أجزاء ، جمع عضة ، وأصلها عضوة فعلة من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء . قال رؤبة @ وَلَيْسَ دينُ اللَّهِ بِالْمَعْضِيِّ @@ وقيل هي فعلة ، من عضهته إذا بهته . وعن عكرمة العضة السحر ، بلغة قريش ، يقولون للساحر عاضهة . 581 ولعن النبي صلى الله عليه وسلم العاضهة والمستعضهة ، نقصانها على الأوّل واو ، وعلى الثاني هاء .