Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 106-109)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَن كَفَرَ } بدل من الذين لا يؤمنون بآيات الله ، على أن يجعل { وَأُوْلـئِكَ هُمُ ٱلْكَـٰذِبُونَ } النحل 105 اعتراضاً بين البدل والمبدل منه . والمعنى إنما يفتري الكذب من كفر بالله من بعد إيمانه واستثنى منهم المكره فلم يدخل تحت حكم الافتراء ، ثم قال { وَلَـٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا } أي طاب به نفساً واعتقده { فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ ٱللَّهِ } ويجوز أن يكون بدلاً من المبتدأ الذي هو { أُوْلَـٰئِكَ } على ومن كفر بالله من بعد إيمانه هم الكاذبون . أو من الخبر الذي هو الكاذبون ، على وأولئك هم من كفر بالله من بعد إيمانه . ويجوز أن ينتصب على الذمّ . وقد جوّزوا أن يكون { مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ } شرطاً مبتدأ ، ويحذف جوابه لأن جواب { مَّن شَرَحَ } دال عليه ، كأنه قيل من كفر بالله فعليهم غضب ، إلا من أكره ، ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب ، روي 595 أنّ ناساً من أهل مكة فتنوا فارتدوا عن الإسلام بعد دخولهم فيه ، وكان فيهم من أكره فأجرى كلمة الكفر على لسانه وهو معتقد للإيمان ، منهم عمار ، وأبواه - ياسر وسمية - وصهيب ، وبلال ، وخباب ، وسالم عذبوا ، فأمّا سمية فقد ربطت بين بعيرين ووجىء في قبلها بحربة ، وقالوا إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت ، وقتل ياسر وهما أول قتيلين في الإسلام ، وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مُكرهاً . فقيل يا رسول الله ، إن عماراً كفر ، فقال « كلا ، إنّ عماراً مليء إيماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه » فأتى عمار رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمسح عينيه وقال « مالكٰ إن عادوا لك فعد لهم بما قلت » ومنهم جبر مولى الحضرمي . أكرهه سيده فكفر ثم أسلم مولاه وأسلم ، وحسن إسلامهما ، وهاجرا فإن قلت أي الأمرين أفضل ، أفعل عمار أم فعل أبويه ؟ قلت بل فعل أبويه لأنّ في ترك التقية والصبر على القتل إعزازاً للإسلام . وقد روي 596 أنّ مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما ما تقول في محمد ؟ قال رسول الله . قال فما تقول فيّ ؟ قال أنت أيضاً ، فخلاه . وقال للآخر ما تقول في محمد ؟ قال رسول الله . قال فما تقول فيّ ؟ قال أنا أصمّ . فأعاد عليه ثلاثاً ، فأعاد جوابه ، فقتله ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أما الأوّل فقد أخذ برخصة الله . وأمّا الثاني فقد صدع بالحق فهنيئاً له " { ذٰلِكَ } إشارة إلى الوعيد ، وأنّ الغضب والعذاب يلحقانهم بسبب استحبابهم الدنيا على الآخرة ، واستحقاقهم خذلان الله بكفرهم { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ } الكاملون في الغفلة الذين لا أحد أغفل منهم لأنّ الغفلة عن تدبر العواقب هي غاية الغفلة ومنتهاها .