Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 60-60)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ } واذكر إذ أوحينا إليك أن ربك أحاط بقريش ، يعني بشرناك بوقعة بدر وبالنصرة عليهم . وذلك قوله { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } القمر 45 ، { قُلْ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ } آل عمران 12 وغير ذلك ، فجعله كأن قد كان ووجد ، فقال أحاط بالناس على عادته في إخباره . 620 وحين تزاحف الفريقان يوم بدر والنبي صلى الله عليه وسلم في العريش مع أبي بكر رضي الله عنه كان يدعو ويقول " اللهم إني أسألك عهدك ووعدك " ثم خرج وعليه الدرع يحرض الناس ويقول { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } ولعلّ الله تعالى أراه مصارعهم في منامه . 621 فقد كان يقول حين ورد ماء بدر " والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم " وهو يوميء إلى الأرض ويقول هذا مصرع فلان ، هذا مصرع فلان ، فتسامعت قريش بما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمر يوم بدر وما أري » في منامه من مصارعهم ، فكانوا يضحكون ويستسخرون ويستعجلون به استهزاء وحين سمعوا بقوله { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } الدخان 43 جعلوها سخرية وقالوا إن محمداً يزعم أن الجحيم تحرق الحجارة ، ثم يقول ينبت فيها الشجر . وما قدر الله حق قدره من قال ذلك ، وما أنكروا أن يجعل الله الشجرة من جنس لا تأكله النار ! فهذا وبر السمندل وهو دويبة ببلاد الترك تتخذ منه مناديل ، إذا اتسخت طرحت في النار فذهب الوسخ وبقي المنديل سالماً لا تعمل فيه النار . وترى النعامة تبتلع الجمر وقطع الحديد الحمر كالجمر بإحماء النار فلا تضرها ، ثم أقرب من ذلك أنه خلق في كل شجرة ناراً فلا تحرقها ، فما أنكروا أن يخلق في النار شجرة لا تحرقها . والمعنى أنّ الآيات إنما يرسل بها تخويفاً للعباد ، وهؤلاء قد خوفوا بعذاب الدنيا وهو القتل يوم بدر . فما كان ما { أَرَيْنَـٰكَ } منه في منامك بعد الوحي إليك { إِلاَّ فِتْنَةً } لهم حيث اتخذوه سخريا وخوّفوا بعذاب الآخرة وشجرة الزقوم فما أثر فيهم ، ثم قال فيهم { وَنُخَوّفُهُمْ } أي نخوفهم بمخاوف الدنيا والآخرة { فَمَا يَزِيدُهُمْ } التخويف { إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا } فكيف يخاف قوم هذه حالهم بإرسال ما يقترحون من الآيات . وقيل الرؤيا هي الإسراء ، وبه تعلق من يقول كان الإسراء في المنام ، ومن قال كان في اليقظة ، فسر الرؤيا بالرؤية . وقيل إنما سماها رؤيا على قول المكذبين حيث قالوا له لعلها رؤيا رأيتها ، وخيال خيل إليك ، استبعاداً منهم ، كما سمى أشياء بأساميها عند الكفرة ، نحو قوله { فَرَاغَ إِلَىٰ ءالِهَتِهِمْ } الصافات 91 ، { أَيْنَ شُرَكَائِىَ } النحل 27 ، { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } الدخان 49 وقيل هي رؤياه أنه سيدخل مكة . وقيل رأى في المنام أن ولد الحكم يتداولون منبره كما يتداول الصبيان الكرة . فإن قلت أين لعنت شجرة الزقوم في القرآن ؟ قلت لعنت حيث لعن طاعموها من الكفرة والظلمة لأنّ الشجرة لا ذنب لها حتى تلعن على الحقيقة ، وإنما وصفت بلعن أصحابها على المجاز . وقيل وصفها الله باللعن ، لأن اللعن الإبعاد من الرحمة ، وهي في أصل الجحيم في أبعد مكان من الرحمة ، وقيل تقول العرب لكل طعام مكروه ضار ملعون ، وسألت بعضهم فقال نعم الطعام الملعون القشب الممحوق . وعن ابن عباس هي الكشوث التي تتلوى بالشجر يجعل في الشراب . وقيل هي الشيطان وقيل أبو جهل . وقرىء « والشجرةُ الملعونةُ » بالرفع ، على أنها مبتدأ محذوف الخبر ، كأنه قيل والشجرة الملعونة في القرآن كذلك .