Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 68-69)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَفَأَمِنتُمْ } الهمزة للإنكار ، والفاء للعطف على محذوف تقديره أنجوتم فأمنتم ، فحملكم ذلك على الإعراض . فإن قلت بم انتصب { جَانِبَ ٱلْبَرّ } ؟ قلت بيخسف مفعولاً به ، كالأرض في قوله { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } القصص 81 . و { بِكُمْ } حال . والمعنى أن يخسف جانب البر ، أي يقلبه وأنتم عليه . فإن قلت فما معنى ذكر الجانب ؟ قلت معناه أنّ الجوانب والجهات كلها في قدرته سواء ، وله في كل جانب براً كان أو بحراً سبب مرصد من أسباب الهلكة ، ليس جانب البحر وحده مختصاً بذلك ، بل إن كان الغرق في جانب البحر ، ففي جانب البر ما هو مثله وهو الخسف لأنه تغييب تحت التراب كما أنّ الغرق تغييب تحت الماء ، فالبرّ والبحر عنده سيان يقدر في البر على نحو ما يقدر عليه في البحر ، فعلى العاقل أن يستوي خوفه من الله في جميع الجوانب وحيث كان { أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } وهي الريح التي تحصب أي ترمي بالحصباء ، يعني أو إن لم يصبكم بالهلاك من تحتكم بالخسف ، أصابكم به من فوقكم بريح يرسلها عليكم فيها الحصباء يرجمكم بها ، فيكون أشدّ عليكم من الغرق في البحر { وَكِيلاً } من يتوكل بصرف ذلك عنكم { أَمْ أَمِنتُمْ } أن يقوّي دواعيكم ويوفر حوائجكم إلى أن ترجعوا فتركبوا البحر الذي نجاكم منه فأعرضتم ، فينتقم منكم بأن يرسل { عَلَيْكُمْ قَاصِفًا } وهي الريح التي لها قصيف وهو الصوت الشديد ، كأنها تتقصف أي تتكسر . وقيل التي لا تمرّ بشيء إلا قصفته { فَيُغْرِقَكُم } وقرىء « بالتاء » أي الريح « وبالنون » وكذلك نخسف ، ونرسل ، ونعيدكم ، قرئت بالياء والنون . التبيع المطالب ، من قوله { فَٱتِبَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ } البقرة 178 أي مطالبة . قال الشماخ @ كَمَا لاَذَ الْغَرِيمُ مِنَ التَّبِيعِ @@ يقال فلان على فلان تبيع بحقه ، أي مصيطر عليه مطالب له بحقه . والمعنى أنا نفعل ما نفعل بهم ، ثم لا تجد أحداً يطالبنا بما فعلنا انتصاراً منا ودركاً للثأر من جهتنا . وهذا نحو قوله { وَلاَ يَخَافُ عُقْبَـٰهَا } الشمس 15 . { بِمَا كَفَرْتُمْ } بكفرانكم النعمة ، يريد إعراضهم حين نجاهم .