Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 70-70)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل في تكرمة ابن آدم كرّمه الله بالعقل ، والنطق ، والتمييز ، والخط ، والصورة الحسنة والقامة المعتدلة ، وتدبير أمر المعاش والمعاد . وقيل بتسليطهم على ما في الأرض وتسخيره لهم . وقيل كل شيء يأكل بفيه إلا ابن آدم ، وعن الرشيد أنه أحضر طعاماً فدعا بالملاعق وعنده أبو يوسف ، فقال له جاء في تفسير جدك ابن عباس قوله تعالى { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءادَمَ } جعلنا لهم أصابع يأكلون بها ، فأحضرت الملاعق فردّها وأكل بأصابعه { على كثير ممن خلقنا } هو ما سوى الملائكة وحسب بني آدم تفضيلاً أن ترفع عليهم الملائكة وهم هم ومنزلتهم عند الله منزلتهم . والعجب من المجبرة كيف عكسوا في كل شيء وكابروا ، حتى جسرتهم عادة المكابرة على العظيمة التي هي تفضيل الإنسان على الملك ، وذلك بعد ما سمعوا تفخيم الله أمرهم وتكثيره مع التعظيم ذكرهم ، وعلموا أين أسكنهم ، وأنى قربهم ، وكيف نزلهم من أنبيائه منزلة أنبيائه من أممهم ، ثم جرّهم فرط التعصب عليهم إلى أن لفقوا أقوالاً وأخباراً منها 623 قالت الملائكة ربنا إنك أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون منها ويتمتعون ولم تعطنا ذلك ، فأعطناه في الآخرة . فقال وعزتي وجلالي ، لا أجعل ذرّية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان . ورووا عن أبي هريرة أنه قال لمؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده . ومن ارتكابهم أنهم فسروا { كثيراً } بمعنى « جميع » في هذه الآية ، وخذلوا حتى سلبوا الذوق فلم يحسوا ببشاعة قولهم وفضلناهم على جميع ممن خلقنا ، على أن معنى قولهم { عَلَىٰ جَمِيعٌ مّمَّنْ خَلَقْنَا } أشجى لحلوقهم وأقذى لعيونهم ، ولكنهم لا يشعرون . فانظر إلى تمحلهم وتشبثهم بالتأويلات البعيدة في عداوة الملأ الأعلى ، كأنّ جبريل عليه السلام غاظهم حين أهلك مدائن قوم لوط ، فتلك السخيمة لا تنحل عن قلوبهم .