Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 22-22)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَيَقُولُونَ } الضمير لمن خاض في قصتهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب والمؤمنين ، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم فأخر الجواب إلى أن يوحى إليه فيهم ، فنزلت إخباراً بما سيجري بينهم من اختلافهم في عددهم ، وأنّ المصيب منهم من يقول سبعة وثامنهم كلبهم . قال ابن عباس رضي الله عنه أنا من أولئك القليل . وروي أن السيد والعاقب وأصحابهما من أهل نجران كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فجرى ذكر أصحاب الكهف ، فقال السيد وكان يعقوبياً كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم . وقال العاقب وكان نسطورياً كانوا خمسة سادسهم كلبهم . وقال المسلمون كانوا سبعة وثامنهم كلبهم ، فحقق الله قول المسلمين . وإنما عرفوا ذلك بإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لسان جبريل عليه السلام . وعن عليّ رضي الله عنه هم سبعة نفر أسماؤهم يمليخاً ، ومكشليتيا ، ومشلينيا هؤلاء أصحاب يمين الملك ، وكان عن يساره مرنوش ، ودبرنوش ، وشادنوش . وكان يستشير هؤلاء الستة في أمره والسابع الراعي الذي وافقهم حين هربوا من ملكهم دقيانوس . واسم مدينتهم أفسوس . واسم كلبهم قطمير . فإن قلت لم جاء بسين الاستقبال في الأوّل دون الآخرين ؟ قلت فيه وجهان أن تدخل الآخرين في حكم السين ، كما تقول قد أكرم وأنعم ، تريد معنى التوقع في الفعلين جميعاً ، وأن تريد بيفعل معنى الاستقبال الذي هو صالح له { رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } رمياً بالخبر الخفي وإتياناً به كقوله { وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ } سبأ 53 أي يأتون به . أو وضع الرجم موضع الظنّ ، فكأنه قيل ظناً بالغيب لأنهم أكثروا أن يقولوا رجم بالظنّ مكان قولهم ظنّ ، حتى لم يبق عندهم فرق بين العبارتين ، ألا ترى إلى قول زهير @ وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ المُرَجَّمِ @@ أي المظنون . وقرىء « ثلاثّ رابعهم » بإدغام الثاء في تاء التأنيث . و { ثَلَـٰثَةً } خبر مبتدأ محذوف ، أي هم ثلاثة . وكذلك { خَمْسَةٌ } و { سَبْعَةٌ } و { رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ } جملة من مبتدأ وخبر واقعة صفة لثلاثة ، وكذلك { سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ } ، { وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ } . فإن قلت فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة ، ولم دخلت عليها دون الأوّلين ؟ قلت هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة ، كما تدخل على الواقعة حالاً عن المعرفة في نحو قولك جاءني رجل ومعه آخر . ومررت بزيد وفي يده سيف . ومنه قوله تعالى { وَمَآ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَـٰبٌ مَّعْلُومٌ } الحجر 4 وفائدتها تأكيد لصوق الصفة بالموصوف ، والدلالة على أن اتصافه بها أمر ثابت مستقر ، وهذه الواو هي التي آذنت بأن الذين قالوا سبعة وثامنهم كلبهم ، قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس ولم يرجموا بالظن كما غيرهم . والدليل عليه أنّ الله سبحانه أتبع القولين الأولين قوله { رَجْماً بِٱلْغَيْبِ } وأتبع القول الثالث قوله { مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ } وقال ابن عباس رضي الله عنه حين وقعت الواو انقطعت العدّة ، أي لم يبق بعدها عدّة عادّ يلتفت إليها . وثبت أنهم سبعة وثامنهم كلبهم على القطع والبتات . وقيل إلا قليل من أهل الكتاب . والضمير في { سَيَقُولُونَ } على هذا لأهل الكتاب خاصة ، أي سيقول أهل الكتاب فيهم كذا وكذا ، ولا علم بذلك إلا في قليل منهم ، وأكثرهم على ظنّ وتخمين { فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ } فلا تجادل أهل الكتاب في شأن أصحاب الكهف إلا جدالاً ظاهراً غير متعمق فيه ، وهو أن تقص عليهم ما أوحى الله إليك فحسب ، ولا تزيد ، من غير تجهيل لهم ولا تعنيف بهم في الردّ عليهم ، كما قال { وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ } النحل 125 . { وَلاَ تَسْتَفْتِ } ولا تسأل أحداً منهم عن قصتهم سؤال متعنت له ، حتى يقول شيئاً فتردّه عليه وتزيف ما عنده لأن ذلك خلاف ما وصيت به من المداراة والمجاملة ، ولا سؤال مسترشد لأن الله قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم .