Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 23-24)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَاْىْءٍ } ولا تقولنّ لأجل شيء تعزم عليه { إِنّى فَاعِلٌ ذٰلِكَ } الشيء { غَداً } أي فيما يستقبل من الزمان . ولم يرد الغد خاصة { إِلاَّ أَن يَشاءَ ٱللَّهُ } متعلق بالنهي لا بقوله إني فاعل لأنه لو قال إني فاعل كذا إلا أن يشاء الله ، كان معناه إلا أن تعترض مشيئة الله دون فعله ، وذلك مما لا مدخل فيه للنهي ، وتعلقه بالنهي على وجهين ، أحدهما ولا تقولنّ ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله ، بأن يأذن لك فيه . والثاني ولا تقولنه إلا بأن يشاء الله ، أي إلا بمشيئة الله ، وهو في موضع الحال . يعني إلا ملتبساً بمشيئة الله قائلاً إن شاء الله وفيه وجه ثالث ، وهو أن يكون { أن يشاء الله } في معنى كلمة تأبيد ، كأنه قيل ولا تقولنه أبداً . ونحوه قوله { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلا أَن يَشَاء ٱللَّهُ } الأعراف 89 لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاءه الله . وهذا نهي تأديب من الله لنبيه حين قالت اليهود لقريش سلوه عن الروح ، وعن أصحاب الكهف ، وذي القرنين . فسألوه فقال ائتوني غداً أخبركم ولم يستثن ، فأبطأ عليه الوحي حتى شق عليه وكذبته قريش { وَٱذْكُر رَّبَّكَ } أي مشيئة ربك وقل إن شاء الله إذا فرط منك نسيان لذلك . والمعنى إذا نسيت كلمة الاستثناء ثم تنبهت عليها فتداركها بالذكر . وعن ابن عباس رضي الله عنه ولو بعد سنة ما لم تحنث . وعن سعيد بن جبير ولو بعد يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة . وعن طاوس هو على ثنياه ما دام في مجلسه . وعن الحسن نحوه . وعن عطاء يستثني على مقدار حلب ناقة غزيرة . وعند عامة الفقهاء أنه لا أثر له في الأحكام ما لم يكن موصولاً . ويحكى أنه بلغ المنصور أن أبا حنيفة خالف ابن عباس رضي الله عنه في الاستثناء المنفصل ، فاستحضره لينكر عليه فقال أبو حنيفة هذا يرجع عليك ، إنك تأخذ البيعة بالأيمان ، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك ؟ فاستحسن كلامه ورضي عنه . ويجوز أن يكون المعنى واذكر ربك بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت كلمة الاستثناء ، تشديداً في البعث على الاهتمام بها . وقيل واذكر ربك إذا تركت بعض ما أمرك به . وقيل واذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسي ، وقد حمل على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها . و { هَـٰذَا } إشارة إلى نبإ أصحاب الكهف . ومعناه لعل الله يؤتيني من البينات والحجج على أني نبيّ صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشداً من نبأ أصحاب الكهف ، وقد فعل ذلك حيث آتاه من قصص الأنبياء والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدلّ ، والظاهر أن يكون المعنى إذا نسيت شيئاً فاذكر ربك . وذكر ربك عند نسيانه أن تقول عسى ربي أن يهديني لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه { رَشَدًا } وأدنى خيراً ومنفعة . ولعل النسيان كان خيرة ، كقوله { أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا } البقرة 106 .