Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 83-88)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذو القرنين هو الإسكندر الذي ملك الدنيا . قيل ملكها مؤمنان ذو القرنين ، وسليمان . وكافران نمروذ ، وبختنصر ، وكان بعد نمرود . واختلف فيه فقيل كان عبداً صالحاً ملكه الله الأرض ، وأعطاه العلم والحكمة ، وألبسه الهيبة وسخر له النور والظلمة ، فإذا سرى يهديه النور من أمامه وتحوطه الظلمة من ورائه . وقيل نبياً . وقيل ملكاً من الملائكة . وعن عمر رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يقول يا ذا القرنين ، فقال اللَّهم غفراً ما رضيتم أن تتسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة ، وعن علي رضي الله عنه . سخر له السحاب ، ومدّت له الأسباب ، وبسط له النور وسئل عنه فقال أحبه الله فأحبه . وسأله ابن الكوّا ما ذو القرنين أملك أم نبيّ ؟ فقال ليس بملك ولا نبيّ ، ولكن كان عبداً صالحاً ، ضرب على قرنه الأيمن في طاعة الله فمات ، ثم بعثه الله فضرب على قرنه الأيسر فمات ، فبعثه الله فسمي ذو القرنين وفيكم مثله . قيل كان يدعوهم إلى التوحيد فيقتلونه فيحييه الله تعالى . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 649 " سمي ذا القرنين لأنه طاف قرني الدنيا يعني جانبيها شرقها وغربها " وقيل كان له قرنان ، أي ضفيرتان . وقيل انقرض في وقته قرنان من الناس . وعن وهب لأنه ملك الروم وفارس . وروي الروم والترك . وعنه كانت صفحتا رأسه من نحاس . وقيل كان لتاجه قرنان . وقيل كان على رأسه ما يشبه القرنين . ويجوز أن يلقب بذلك لشجاعته كما يسمى الشجاع كبشاً لأنه ينطح أقرانه ، وكان من الروم ولد عجوز ليس لها ولد غيره . والسائلون هم اليهود سألوه على جهة الامتحان . وقيل سأله أبو جهل وأشياعه ، والخطاب في { عَلَيْكُمْ } لأحد الفريقين { مِن كُلّ شَىْء } أي من أسباب كل شيء ، أراده من أغراضه ومقاصده في ملكه { سَبَباً } طريقاً موصلاً إليه ، والسبب ما يتوصل به إلى المقصود من علم أو قدرة أو آلة ، فأراد بلوغ المغرب { فَأَتْبَعَ سَبَباً } يوصله إليه حتى بلغ ، وكذلك أراد المشرق ، فأتبع سبباً ، وأراد بلوغ السدّين فاتبع سبباً . وقرىء « فأتبع » قرىء « حمئة » ، من حمئت البئر إذا صار فيها الحمأة . وحامية بمعنى حارّة . وعن أبي ذرّ 650 كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجمل ، فرأى الشمس حين غابت فقال يا أبا ذرّ ، أتدري أين تغرب هذه ؟ فقلت الله ورسوله أعلم . قال فإنها تغرب في عين حامية ، وهي قراءة ابن مسعود وطلحة وابن عمر وابن عمرو والحسن . وقرأ ابن عباس حمئة . وكان ابن عباس عند معاوية فقرأ معاوية حامية فقال ابن عباس حمئة . فقال معاوية لعبد الله بن عمرو كيف تقرأ ؟ قال كما يقرأ أمير المؤمنين ثم وجه إلى كعب الأحبار . كيف تجد الشمس تغرب ؟ قال في ماء وطين ، كذلك نجده في التوراة . وروي في ثأط ، فوافق قول ابن عباس ، وكان ثمة رجل فأنشد قول تبع @ فَرَأَى مَغِيبَ الشّمْسِ عِنْدَ مَآبِهَا فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وَثَاطٍ حَرْمَدِ @@ أي في عين ماء ذي طين وحمإ أسود ، ولا تنافي بين الحمئة والحامية ، فجائز أن تكون العين جامعه للوصفين جميعاً . كانوا كفرة فخيره الله بين أن يعذبهم بالقتل وأن يدعوهم إلى الإسلام ، فاختار الدعوة والاجتهاد في استمالتهم فقال أمّا من دعوته فأبى إلا البقاء على الظلم العظيم الذي هو الشرك فذلك هو المعذب في الدارين { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ } ما يقتضيه الإيمان { فَلَهُ جَزآءً ٱلْحُسْنَىٰ } وقيل خيّره بين القتل والأسر ، وسماه إحساناً في مقابلة القتل { فَلَهُ جَزآءً ٱلْحُسْنَىٰ } فله أن يجازي المثوبة الحسنى . أو فله جزاء الفعلة الحسنى التي هي كلمة الشهادة . وقرىء « فله جزاء الحسنى » أي فله الفعلة الحسنى جزاء . وعن قتادة كان يطبخ من كفر في القدور ، وهو العذاب النكر . ومن آمن أعطاه وكساه { مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً } أي لا نأمره بالصعب الشاق ، ولكن بالسهل المتيسر من الزكاة والخراج وغير ذلك ، وتقديره ذا يسر ، كقوله { قَوْلاً مَّيْسُورًا } الإسراء 28 وقرىء « يُسُراً » ، بضمتين .