Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 66-67)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يحتمل أن يراد بالإنسان الجنس بأسره ، وأن يراد بعض الجنس وهم الكفرة . فإن قلت لم جازت إرادة الأناسي كلهم ، وكلهم غير قائلين ذلك ؟ قلت لما كانت هذه المقالة موجودة فيمن هو من جنسهم ، صح إسناده إلى جميعهم ، كما يقولون بنو فلان قتلوا فلاناً ، وإنما القاتل رجل منهم . قال الفرزدق @ فَسَيْفُ بَنِي عَبْسٍ وَقَدْ ضَرَبُوا بِهِ نَبَا بِيَدَيْ وَرْقَاءَ عَنْ رَأْسِ خَالِدِ @@ فقد أسند الضرب إلى بني عبس مع قوله « نبا بيدي ورقاء » وهو ورقاء بن زهير بن جذيمة العبسي . فإن قلت بم انتصب { إِذَا } وانتصابه بـ أخرج ممتنع لأجل اللام لا تقول اليوم لزيد قائم ؟ قلت بفعل مضمر يدل عليه المذكور . فإن قلت لام الابتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال ، فكيف جامعت حرف الاستقبال ؟ قلت لم تجامعها إلا مخلصة للتوكيد كما أخلصت الهمزة في يا أَلله للتعويض واضمحلّ عنها معنى التعريف . و « ما » في { أَءِذَا مَا } للتوكيد أيضاً ، فكأنهم قالوا أحقاً أنا سنخرج أحياء حين يتمكن فينا الموت والهلاك ؟ على وجه الاستنكار والاستبعاد . والمراد الخروج من الأرض ، أو من حال الفناء . أو هو من قولهم خرج فلان عالماً ، وخرج شجاعاً إذا كان نادراً في ذلك ، يريد سأخرج حياً نادراً على سبيل الهزؤ . وقرأ الحسن وأبو حيوة « لسوف أخرج » وعن طلحة بن مصرف رضي الله عنه « لسأخرج » كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه « ولسيعطيك » وتقديم الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة ، ومنه جاء إنكارهم ، فهو كقولك للمسيء إلى المحسن أحين تمت عليك نعمة فلان أسأت إليه . الواو عطفت { أَوَلاَ يَذْكُرُ } على { يَقُولُ } ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف ، يعني أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى فإن تلك أعجب وأغرب وأدلّ على قدرة الخالق ؟ ؟ حيث أخرج الجواهر والأعراض من العدم إلى الوجود ، ثم أوقع التأليف مشحوناً بضروب الحكم التي تحار الفطن فيها ، من غير حذو على مثال واقتداء بمؤلف . ولكن اختراعاً وإبداعاً من عند قادر جلت قدرته ودقت حكمته . وأما الثانية فقد تقدمت نظيرتها وعادت لها كالمثال المحتذى عليه ، وليس فيها إلا تأليف الأجزاء الموجودة الباقية وتركيبها ، ورّدها إلى ما كانت عليه مجموعة بعد التفكيك والتفريق . وقوله تعالى { وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } دليل على هذا المعنى ، وكذلك قوله تعالى { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } الروم 27 على أن رب العزّة سواء عليه النشأتان ، لا يتفاوت في قدرته الصعب والسهل ، ولا يحتاج إلى احتذاء على مثال ولا استعانة بحكيم ، ولا نظر في مقياس ، ولكن يواجه جاحد البعث بذلك دفعاً في بحر معاندته ، وكشفاً عن صفحة جهله . القراء كلهم على { لا يذكر } بالتشديد إلا نافعاً وابن عامر وعاصماً رضي الله عنهم ، فقد خففوا . وفي حرف أبيّ « يتذكر » { مِن قَبْلُ } من قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه .