Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 111-112)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الضمير في { وَقَالُواْ } لأهل الكتاب من اليهود والنصارى . والمعنى وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً ، وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى ، فلف بين القولين ثقة بأنّ السامع يردّ إلى كل فريق قوله ، وأمناً من الإلباس لما علم من التعادي بين الفريقين وتضليل كل واحد منهما لصاحبه . ونحوه { وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ تَهْتَدُواْ } البقرة 135 ، والهود جمع هائد ، كعائذ وعُوذ ، وبازل وبُزل . فإن قلت كيف قيل كان هوداً على توحيد الاسم وجمع الخبر ؟ قلت حمل الاسم على لفظ « من » والخبر على معناه ، كقراءة الحسن « إلا من هو صالو الجحيم » . وقوله { فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } الجن 23 . وقرأ أبيّ بن كعب « إلا من كان يهودياً أو نصرانياً » . فإن قلت لم قيل { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } وقولهم « لن يدخل الجنة » أمنية واحدة ؟ قلت أشير بها إلى الأماني المذكورة وهو أمنيتهم أن لا ينزل على المؤمنين خير من ربهم ، وأمنيتهم أن يردّوهم كفاراً ، وأمنيتهم أن لا يدخل الجنة غيرهم أي تلك الأماني الباطلة أمانيهم . وقوله { قُلْ هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } متصل بقولهم { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَـٰرَىٰ } . و { تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ } اعتراض ، أو أريد أمثال تلك الأمنية أمانيهم ، على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه . يريد أن أمانيهم جميعاً في البطلان مثل أمنيتهم هذه . والأمنية أفعولة من التمني ، مثل الأضحوكة والأعجوبة { هَاتُواْ بُرْهَـٰنَكُمْ } هلموا حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في دعواكم ، وهذا أهدم شيء لمذهب المقلدين . وأن كل قول لا دليل عليه فهو باطل غير ثابت . و « هات » صوت بمنزلة هاء ، بمعنى أحضر { بَلَىٰ } إثبات لما نفوه من دخول غيرهم الجنة { مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } من أخلص نفسه له لا يشرك به غيره { وَهُوَ مُحْسِنٌ } في عمله { فَلَهُ أَجْرُهُ } الذي يستوجبه . فإن قلت من أسلم وجهه كيف موقعه ؟ قلت يجوز أن يكون { بَلَىٰ } ردّاً لقولهم ، ثم يقع « من أسلم » كلاماً مبتدأ ، ويكون « من » متضمناً لمعنى الشرط ، وجوابه « فله أجره » ، وأن يكون « من أسلم » فاعلاً لفعل محذوف ، أي بلى يدخلها من أسلم ، ويكون قوله « فله أجره » كلاماً معطوفاً على يدخلها من أسلم .