Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 113-114)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ عَلَىٰ شَىْء } أي على شيء يصح ويعتدّ به . وهذه مبالغة عظيمة ، لأن المحال والمعدوم يقع عليهما اسم الشيء ، فإذا نفي إطلاق اسم الشيء عليه . فقد بولغ في ترك الاعتداد به إلى ما ليس بعده . وهذا كقولهم أقل من لا شيء { وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } الواو للحال . والكتاب للجنس أي قالوا ذلك ، وحالهم أنهم من أهل العلم والتلاوة للكتب . وحق من حمل التوراة أو الإنجيل أو غيرهما من كتب الله وآمن به أن لا يكفر بالباقي لأن كل واحد من الكتابين مصدّق للثاني شاهد بصحته ، وكذلك كتب الله جميعاً متواردة على تصديق بعضها بعضاً { كَذٰلِكَ } أي مثل ذلك الذي سمعت به على ذلك المنهاج { قَالَ } الجهلة { ٱلَّذِينَ } لا علم عندهم ولا كتاب كعبدة الأصنام والمعطلة ونحوهم قالوا لأهل كل دين ليسوا على شيء . وهذا توبيخ عظيم لهم حيث نظموا أنفسهم مع علمهم في سلك من لا يعلم . وروى 50 أن وفد نجران لمّا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود ما أنتم على شيء من الدين ، وكفروا بعيسى والإنجيل . وقالت النصارى لهم نحوه ، وكفروا بموسى والتوراة . { فَٱللَّهُ يَحْكُمُ } بين اليهود والنصارى { يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ } بما يقسم لكل فريق منهم من العقاب الذي استحقه . وعن الحسن حكم الله بينهم أن يكذبهم ويدخلهم النار { أَن يُذْكَرَ } ثاني مفعولي منع . لأنك تقول منعته كذا . ومثله { وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ } الاسراء 59 ، { وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُواْ } الاسراء 94 ويجوز أن يحذف حرف الجر مع أن ، ولك أن تنصبه مفعولاً له بمعنى كراهة أن يذكر ، وهو حكم عام لجنس مساجد الله ، وأن مانعها من ذكر الله مفرط في الظلم ، والسبب فيه أن النصارى كانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه ، وأن الروم غزوا أهله فخربوه وأحرقوا التوراة وقتلوا وسبوا . وقيل أراد به منع المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل المسجد الحرام عام الحديبية . فإن قلت فكيف قيل مساجد الله وإنما وقع المنع والتخريب على مسجد واحد وهو بيت المقدس أو المسجد الحرام ؟ قلت لا بأس أن يجيء الحكم عاماً وإن كان السبب خاصاً ، كما تقول لمن آذى صالحاً واحداً ومن أظلم ممن آذى الصالحين . وكما قال الله عز وجل { وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } الهمزة 1 والمنزول فيه الأخنس بن شريق { وَسَعَىٰ فِى خَرَابِهَا } بانقطاع الذكر أو بتخريب البنيان . وينبغي أن يراد بـــ « من » منع العموم كما أريد بمساجد الله ، ولا يراد الذين منعوا بأعيانهم من أولئك النصارى أو المشركين { أُوْلَـٰئِكَ } المانعون { مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا } أي ما كان ينبغي لهم أن يدخلوا مساجد الله { إِلاَّ خَائِفِينَ } على حال التهيب وارتعاد الفرائص من المؤمنين أن يبطشوا بهم ، فضلاً أن يستولوا عليها ويلوها ويمنعوا المؤمنين منها . والمعنى ما كان الحق والواجب إلا ذلك لولا ظلم الكفرة وعتوّهم . وقيل ما كان لهم في حكم الله ، يعني أن الله قد حكم وكتب في اللوح أنه ينصر المؤمنين ويقوّيهم حتى لا يدخلوها إلا خائفين . روى أنه لا يدخل بيت المقدس أحد من النصارى إلا متنكراً مسارقة . وقال قتادة لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا أنهك ضرباً وأبلغ إليه في العقوبة . وقيل نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51 " ألا لا يحجنّ بعد هذاالعام مشرك ، ولا يطوفنّ بالبيت عُريان " وقرأ أبو عبد الله « إلا خيفاً » ، وهو مثل صيم . وقد اختلف الفقهاء في دخول الكافر المسجد فجوّزه أبو حنيفة رحمه الله ، ولم يجوزه مالك ، وفرق الشافعي بين المسجد الحرام وغيره . وقيل معناه النهي عن تمكينهم من الدخول والتخلية بينهم وبينه ، كقوله { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } الاحزاب 53 { خِزْىٌ } قتلٌ وسبيٌ ، أو ذلة بضرب الجزية . وقيل فتح مدائنهم قسطنطينية ورومية وعمورية .