Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 146-148)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَعْرِفُونَهُ } يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم معرفة جلية يميزون بينه وبين غيره بالوصف المعين المشخص { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ } لا يشتبه عليهم أبناؤهم وأبناء غيرهم . وعن عمر رضي الله عنه أنه سأل عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنا أعلم به مني بابني . قال ولم ؟ قال لأني لست أشك في محمد أنه نبي . فأما ولدي ، فلعل والدته خانت ، فقبل عمر رأسه . وجاز الإضمار وإن لم يسبق له ذكر لأن الكلام يدل عليه ولا يلتبس على السامع . ومثل هذا الإضمار فيه تفخيم وإشعار بأنه لشهرته وكونه علماً معلوماً بغير إعلام . وقيل الضمير للعلم أو القرآن أو تحويل القبلة . وقوله كما يعرفون أبناءهم يشهد للأول وينصره الحديث عن عبد الله بن سلام . فإن قلت لم اختص الأبناء ؟ قلت لأنّ الذكور أشهر وأعرف ، وهم لصحبة الآباء ألزم ، وبقلوبهم ألصق . وقال { فريقاً منهم } استثناء لمن آمن منهم ، أو لجهالهم الذينقال الله تعالى فيهم { وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } البقرة78 . { ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } يحتمل أن يكون الحق خبر مبتدأ محذوف . أي هو الحق . أو مبتدأ خبره من ربك وفيه وجهان أن تكون اللام للعهد ، والإشارة إلى الحق الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو إلى الحق الذي في قوله ليكتمون الحق . أي هذا الذي يكتمونه هو الحق من ربك ، وأن تكون للجنس على معنى الحق من الله لا من غيره . يعني أن الحق ما ثبت أنه من الله كالذي أنت عليه ، وما لم يثبت أنه من الله كالذي عليه أهل الكتاب فهو الباطل . فإن قلت إذا جعلت الحق خبر مبتدأ فما محل من ربك ؟ قلت يجوز أن يكون خبراً بعد خبر ، وأن يكون حالاً . وقرأ عليّ رضي الله عنه « الحق من ربك » . على الإبدال من الأوّل ، أي يكتمون الحق ، الحق من ربك ، { فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ } الشاكين في كتمانهم الحق مع علمهم ، أوفي أنه من ربك { وَلِكُلٍ } من أهل الأديان المختلفة { وِجْهَةٌ } قبلة . وفي قراءة أبيّ « ولكل قبلة » { هُوَ مُوَلّيهَا } وجهه ، فحذف أحد المفعولين . وقيل هو لله تعالى ، أي الله موليها إياه . وقرىء « ولكل وجهة » على الإضافة . والمعنى وكل وجهةٍ اللَّهُ موليها ، فزيدت اللام لتقدم المفعول كقولك لزيد ضربت ولزيد أبوه ضاربه . وقرأ ابن عامر « هو مولاها » أي هو مولى تلك الجهة وقد وليها . والمعنى لكل أمّة قبلة تتوجه إليها ، منكم ومن غيركم { فَاسْتَبِقُوا } أنتم { الخَيْرَاتِ } واستبقوا إليها غيركم من أمر القبلة وغيره . ومعنى آخر وهو أن يراد ولكل منكم يا أمة محمد وجهة أي جهة يصلّى إليها جنوبية أو شمالية أو شرقية أو غربية فاستبقوا الخيرات { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ ٱللَّهُ جَمِيعًا } للجزاء من موافق ومخالف لا تعجزونه . ويجوز أن يكون المعنى فاستبقوا الفاضلات من الجهات وهي الجهات المسامتة للكعبة وإن اختلفت ، أينما تكونوا من الجهات المختلفة يأت بكم الله جميعاً يجمعكم ويجعل صلواتكم كأنها إلى جهة واحدة ، وكأنكم تصلون حاضري المسجد الحرام .