Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 155-158)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَنَبْلُوَنَّكُم } ولنصيبنكم بذلك إصابة تشبه فعل المختبر لأحوالكم ، هل تصبرون وتثبتون على ما أنتم عليه من الطاعة وتسلمون لأمر الله وحكمه أم لا ؟ { بِشَىْءٍ } بقليل من كل واحد من هذه البلايا وطرف منه { وَبَشّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ } المسترجعين عند البلاء لأنّ الاسترجاع تسليم وإذعان . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 70 " من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته وأحسن عقباه وجعل له خلفاً صالحاً يرضاه " . وروي 71 أنه طفىء سراج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال « إنا لله وإنا إليه راجعون » فقيل أمصيبة هي ؟ قال « نعم كل شيء يؤذي المؤمن فهو له مصيبة » ، وإنما قلل في قوله بشيء ليؤذن أن كل بلاء أصاب الإنسان وإن جل ففوقه ما يقل إليه ، وليخفف عليهم ويريهم أن رحمته معهم في كل حال لا تزايلهم وإنما وعدهم ذلك قبل كونه ليوطنوا عليه نفوسهم . نقص عطف على شيء أو على الخوف ، بمعنى وشيء من نقص الأموال . والخطاب في بشر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو لكل من يتأتى منه البشارة . وعن الشافعي رحمه الله في الخوف خوف الله . والجوع صيام شهر رمضان والنقص من الأموال الزكوات والصدقات ، ومن الأنفس الأمراض ، ومن الثمرات موت الأولاد . وعن النبي صلى الله عليه وسلم 72 " إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة أقبضّتم ولد عبدي ؟ فيقولون نعم ، فيقول أقبضتم ثمرة قلبه ؟ فيقولون نعم ، فيقول الله تعالى ماذا قال عبدي ؟ فيقولون حمدك واسترجع ، فيقول الله تعالى ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد " . والصلاة الحنو والتعطف ، فوضعت موضع الرأفة وجمع بينها وبين الرحمة . كقوله تعالى { رَأْفَةً وَرَحْمَةً } الحديد 27 ، { رَءوفٌ رَّحِيمٌ } التوبة 117 . والمعنى عليهم رأفة بعد رأفة . ورحمة أيّ رحمة . { وَأُولَـئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُونَ } لطريق الصواب حيث استرجعوا وسلموا لأمر الله . والصفا والمروة علمان للجبلين ، كالصمان والمقطم ، والشعائر جمع شعيرة وهي العلامة ، أي من أعلام مناسكه ومتعبداته ، والحج للقصد . والاعتمار الزيارة ، فغلبا على قصد البيت وزيارته للنسكين المعروفين ، وهما في المعاني كالنجم والبيت في الأعيان . وأصل { يَطَّوَّفَ } يتطوّف فأدغم . وقرىء « أن يطوف » من طاف . فإن قلت كيف قيل إنهما من شعائر الله ثم قيل لا جناح عليه أن يطوف بهما ؟ قلت كان على الصفا أساف ، وعلى المروة نائلة ، وهما صنمان ، يروىأنهما كانا رجلاً وامرأة زنيا في الكعبة ، فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما ، فلما طالت المدّة عُبدا من دون الله ، فكان أهل الجاهلية إذا سعوا مسحوهما ، فلما جاء الإسلام وكسرت الأوثان كره المسلمون الطواف بينهما لأجل فعل الجاهلية وأن لا يكون عيهم جناح في ذلك ، فرفع عنهم الجناح . واختلف في السعي ، فمن قائل هو تطوّع بدليل رفع الجناح وما فيه من التخيير بين الفعل والترك ، كقوله { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا } البقرة 230 ، وغير ذلك ، ولقوله { وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا } كقوله { فمن تطوّع خيراً فهو خير له } البقرة 184 . ويروى ذلك عن أنس وابن عباس وابن الزبير ، وتنصره قراءة ابن مسعود فلا جناح عليه أن لا يطوّف بهما . وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه واجب وليس بركن وعلى تاركه دم . وعند الأوّلين لا شيء عليه . وعند مالك والشافعي هو ركن ، لقوله عليه السلام 73 " اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي " وقرىء « ومن يطوّع » . بمعنى ومن يتطوع ، فأدغم . وفي قراءة عبد الله « ومن يتطوع بخير » .