Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 174-176)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فِي بُطُونِهِمْ } ملء بطونهم . يقال أكل فلان في بطنه ، وأكل في بعض بطنه { إِلاَّ ٱلنَّارَ } لأنه إذا أكل ما يلتبس بالنار لكونها عقوبه عليه ، فكأنه أكل النار ، ومنه قولهم أكل فلان الدم ، إذا أكل الدية التي هي بدل منه . قال @ أَكَلْتُ دَماً إنْ لَمْ أَرُعْكِ بِضَرَّةٍ @@ وقال @ يَأْكُلْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ إكَافَا @@ راد ثمن الإكاف ، فسماه إكافاً لتلبسه بكونه ثمناً له { وَلاَ يُكَلِـّمُهُمُ ٱللَّهُ } تعريض بحرمانهم حال أهل الجنة في تكرمة الله إياهم بكلامه وتزكيتهم بالثناء عليهم . وقيل نفي الكلام عبارة عن غضبه عليهم كمن غضب على صاحبه فصرمه وقطع كلامه . وقيل لا يكلمهم بما يحبون ، ولكن بنحو قوله { ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ } المؤمنون 108 . { فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى ٱلنَّارِ } تعجب من حالهم في التباسهم بموجبات النار من غير مبالاة منهم ، كما تقول لمن يتعرّض لما يوجب غضب السلطان ما أصبرك على القيد والسجن ، تريد أنه لا يتعرض لذلك إلا من هو شديد الصبر على العذاب . وقيل فما أصبرهم ، فأي شيء صبرهم . يقال أصبره على كذا وصبره بمعنى . وهذا أصل معنى فعل التعجب . والذي روي عن الكسائي أنه قال قال لي قاضي اليمن بمكة اختصم إليّ رجلان من العرب فحلف أحدهما على حق صاحبه فقال له ما أصبرك على الله ، فمعناه ما أصبرك على عذاب الله { ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ نَزَّلَ } أي ذلك العذاب بسبب أنّ الله نزل ما نزل من الكتب بالحق { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ ٱخْتَلَفُواْ } في كتب الله فقالوا في بعضها حق وفي بعضها باطل وهم أهل الكتاب { لَفِى شِقَاقٍ } لفي خلاف { بَعِيدٍ } عن الحق ، والكتاب للجنس ، أو كفرهم ذلك بسبب أنّ الله نزل القرآن بالحق كما يعلمون ، وإن الذين اختلفوا فيه من المشركين - فقال بعضهم سحر ، وبعضهم شعر ، وبعضهم أساطير - لفي شقاق بعيد . يعني أنّ أولئك لو لم يختلفوا ولم يشاقوا لما جسر هؤلاء أن يكفروا .