Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 185-185)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الرمضان مصدر رمض إذا احترق - من الرمضاء - فأضيف إليه الشهر وجعل علماً ، ومنع الصرف للتعريف والألف والنون كما قيل « ابن دأية » للغراب بإضافة الابن إلى داية البعير ، لكثرة وقوعه عليها إذا دبرت . فإن قلت لم سمي { شَهْرُ رَمَضَانَ } ؟ قلت الصوم فيه عبادة قديمة ، فكأنهم سموه بذلك لارتماضهم فيه من حرّ الجوع ومقاساة شدّته ، كما سموه ناتقاً لأنه كان ينتقهم أي يزعجهم إضجاراً بشدته عليهم . وقيل لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها ، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحرّ . فإن قلت فإذا كانت التسمية واقعة مع المضاف والمضاف إليه جميعاً ، فما وجه ما جاء في الأحاديث من نحو قوله عليه الصلاة والسلام 89 " من صام رمضان إيماناً وإحتساباً " . 90 " من أدرك رمضان فلم يغفر له " قلت هو من باب الحذف لأمن الإلباس كما قال @ بِمَا أَعْيَا النّطَاسِي حِذْيَمَا @@ أراد ابن حذيم ، وارتفاعه على أنه مبتدأ خبره { ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ } أو على أنه بدل من الصيام في قوله { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ } البقرة 183 أو على أنه خبر مبتدأ محذوف . وقرىء بالنصب على صوموا شهر رمضان ، أو على الإبدال من { أَيَّامًا مَّعْدُودٰتٍ } ، أو على أنه مفعول { وَأَن تَصُومُواْ } البقرة 184 . ومعنى { أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ } ابتدىء فيه إنزاله . وكان ذلك في ليلة القدر . وقيل أنزل جملة إلى سماء الدنيا ، ثم نزل إلى الأرض نجوما . وقيل أنزل في شأنه القرآن ، وهو قوله { كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ } كما تقول أنزل في عمر كذا ، وفي عليّ كذا . وعن النبي عليه السلام 91 " نزلت صحف إبراهيم أوّل ليلة من رمضان ، وأنزلت التوراة لست مضين ، والإنجيل لثلاث عشرة ، والقرآن لأربع وعشرين مضين " { هُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ } نصب على الحال ، أي أنزل وهو هداية للناس إلى الحق ، وهو آيات واضحات مكشوفات مما يهدي إلى الحق ويفرق بين الحقّ والباطل . فإن قلت ما معنى قوله { وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ } بعد قوله { هُدًى لّلنَّاسِ } ؟ قلت ذكر أوّلاً أنه هدى ، ثم ذكر أنه بينات من جملة ما هدى به الله ، وفرق به بين الحق والباطل من وحيه وكتبه السماوية الهادية الفارقة بين الهدى والضلال { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } فمن كان شاهداً ، أي حاضراً مقيماً غير مسافر في الشهر ، فليصم فيه ولا يفطر . والشهر منصوب على الظرف وكذلك الهاء في { فَلْيَصُمْهُ } ولا يكون مفعولاً به كقولك شهدت الجمعة ، لأن المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر { يُرِيدُ ٱللَّهُ } أن ييسر عليكم ولا يعسر ، وقد نفي عنكم الحرج في الدين ، وأمركم بالحنيفية السمحة التي لا إصر فيها ، و من جملة ذلك ما رخص لكم فيه من إباحة الفطر في السفر والمرض . ومن الناس من فرض الفطر على المريض والمسافر ، حتى زعم أنّ من صام منهما فعليه الإعادة . وقرىء « اليسر ، والعسر » - بضمتين . الفعل المعلل محذوف مدلول عليه بما سبق تقديره { وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } شرع ذلك يعني جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر وأمر المرخص له بمراعاة عدة ما أفطر فيه ومن الترخيص في إباحة الفطر ، فقوله { لتكلموا } علة الأمر بمراعاة العدّة { َ وَلِتُكَبّرُواْ } علة ما علم من كيفية القضاء والخروج عن عهدة الفطر { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } علة الترخيص والتيسير ، وهذا نوع من اللف لطيف المسلك لا يكاد يهتدي إلى تبينه إلا النقاب المحدث من علماء البيان . وإنما عدّى فعل التكبير بحرف الاستعلاء لكونه مضمناً معنى الحمد ، كأنه قيل ولتكبروا الله حامدين على ما هداكم . ومعنى { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } وإرادة أن تشكروا وقرىء « ولتكملوا » بالتشديد . فإن قلت هل يصحّ أن يكون ولتكملوا معطوفاً على علة مقدرة ، كأنه قيل لتعلموا ما تعلمون ، ولتكملوا العدّة ، أو على اليسر ، كأنه قيل يريد الله بكم اليسر ، ويريد بكم لتكملوا ، كقوله { يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ } الصف 8 قلت لا يبعد ذلك والأوّل أوجه . فإن قلت ما المراد بالتكبير ؟ قلت تعظيم الله والثناء عليه . وقيل هو تكبير يوم الفطر . وقيل هو التكبير عند الإهلال .