Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 188-189)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولا يأكل بعضكم مال بعض { بِٱلْبَـٰطِلِ } بالوجه الذي لم يبحه الله ولم يشرعه . و لا { تُدْلُواْ بِهَا } ولا تلقوا أمرها والحكومة فيها إلى الحكام { لِتَأْكُلُواْ } بالتحاكم { فَرِيقاً } طائفة { مّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإثْمِ } بشهادة الزور ، أو باليمين الكاذبة ، أو بالصلح ، مع العلم بأن المقضي له ظالم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للخصمين 98 " إنما أنا بشر وأنتم تختصمون إليّ ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه ، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنّ منه شيئاً ، فإنما أقضي له قطعة من نار " فبكيا وقال كل واحد منهما حقي لصاحبي . فقال " اذهبا فتوخيا ، ثم استهما ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه " وقيل { وَتُدْلُواْ بِهَا } وتلقوا بعضها إلى حكام السوء على وجه الرشوة . وتدلوا مجزوم داخل في حكم النهي ، أو منصوب بإضمار أن ، كقوله { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } البقرة 42 . { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم على الباطل ، وارتكاب المعصية مع العلم بقبحها أقبح ، وصاحبه أحق بالتوبيخ . 99 وروي أن معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم الأنصاري قالا يا رسول الله ، ما بال الهلال يبدو دقيقاً مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلىء ويستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا لا يكون على حالة واحدة ؟ فنزلت . { مَوَاقِيتُ } معالم يوقت بها الناس مزارعهم ومتاجرهم ومحال ديونهم وصومهم وفطرهم وعدد نسائهم وأيام حيضهنّ ومدد حملهنّ وغير ذلك ، ومعالم للحج يعرف بها وقته . كان ناس من الأنصار إذا أحرموا لم يدخل أحد منهم حائطاً ولا داراً ولا فسطاطاً من باب ، فإذا كان من أهل المدر نقب نقباً في ظهر بيته منه يدخل ويخرج ، أو يتخذ سلماً يصعد فيه وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخباء فقيل لهم { و لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } بتحرّجكم من دخول الباب { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ } برّ { مَنِ ٱتَّقَىٰ } ما حرّم الله . فإن قلت ما وجه اتصاله بما قبله ؟ قلت كأنه قيل لهم عند سؤالهم عن الأهلة وعن الحكمة في نقصانها وتمامها معلوم - أنّ كل ما يفعله الله عزّ وجلّ لا يكون إلا حكمة بالغة ومصلحة لعباده ، فدعوا السؤال عنه وانظروا في واحدة تفعلونها أنتم مما ليس من البرّ في شيء وأنتم تحسبونها برّاً . ويجوز أن يجري ذلك على طريق الاستطراد لما ذكر أنها مواقيت للحج ، لأنه كان من أفعالهم في الحج . ويحتمل أن يكون هذا تمثيلاً لتعكيسهم في سؤالهم ، وأن مثلهم فيه كمثل من يترك باب البيت ويدخله من ظهره . والمعنى ليس البر وما ينبغي أن تكونوا عليه بأن تعكسوا في مسائلكم ، ولكن البرّ برّ من اتقى ذلك وتجنبه ولم يجسر على مثله . ثم قال { وَأْتُواْ ٱلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوٰبِهَا } أي وباشروا الأمور من وجوهها التي يجب أن تباشر عليها ولا تعكسوا . والمراد وجوب توطين النفوس وربط القلوب على أن جميع أفعال الله حكمة وصواب ، من غير اختلاج شبهة ولا اعتراض شك في ذلك حتى لا يسأل عنه لما في السؤال من الاتهام بمقارفة الشك { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ } الأنبياء 23 .