Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 190-193)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المقاتلة في سبيل الله هو الجهاد لإعلاء كلمة الله وإعزاز الدين { ٱلَّذِينَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ } الذين يناجزونكم القتال دون المحاجزين . وعلى هذا يكون منسوخاً بقوله { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَافَّةً } التوبة 36 . وعن الربيع بن أنس رضي الله عنه هي أول آية نزلت في القتال بالمدينة فكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقاتل من قاتل ويكف عمن كف . أو الذين يناصبونكم القتال دون من ليس من أهل المناصبة من الشيوخ والصبيان و الرهبان والنساء . أو الكفرة كلهم لأنهم جميعاً مضادّون للمسلمين قاصدون لمقاتلتهم ، فهم في حكم المقاتلة ، قاتلوا أو لم يقاتلوا . وقيل لما صدّ المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وسلم عام الحديبية وصالحوه على أن يرجع من قابل فيخلوا له مكة ثلاثة أيام فرجع لعمرة القضاء ، خاف المسلمون أن لايفي لهم قريش ويصدّوهم ويقاتلوهم في الحرم وفي الشهر الحرام وكرهوا ذلك نزلت وأطلق لهم قتال الذين يقاتلونهم منهم في الحرم والشهر الحرام ، ورفع عنهم الجناح في ذلك { وَلاَ تَعْتَدُواْ } بابتداء القتال أو بقتال من نهيتم عن قتاله من النساء والشيوخ والصبيان والذين بينكم وبينهم عهد أو بالمثلة أو بالمفاجأة من غير دعوة { حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } حيث وجدتموهم في حلّ أو حرم . والثقف وجود على وجه الأخذ والغلبة . ومنه رجل ثقف ، سريع الأَخذ لأقرانه . قال @ فَإمَّا تَثْقَفُونِي فَاقْتُلُونِي فَمَنْ أَثْقَفْ فَلَيْسَ إلَى خُلُود @@ { مِـّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ } أي من مكة وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن لم يسلم منهم يوم الفتح . { وَٱلْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ ٱلْقَتْلِ } أي المحنة والبلاء الذي ينزل بالإنسان يتعذب به أشدّ عليه من القتل . وقيل لبعض الحكماء ما أشد من الموت ؟ قال الذي يتمنى فيه الموت ، جعل الإخراج من الوطن من الفتن والمحن التي يتمنى عندها الموت . ومنه قول القائل @ لَقَتْلٌ بِحَدِّ السَّيْفِ أَهْوَنُ مَوْقِعا عَلَى النَّفْسِ مِنْ قَتْلٍ بِحَدِّ فِرَاقِ @@ وقيل الفتنة عذاب الآخرة { وَذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ } الذاريات 13 وقيل الشرك أعظم من القتل في الحرم ، وذلك أنهم كانوا يستعظمون القتل في الحرم ويعيبون به المسلمين ، فقيل والشرك الذي هم عليه أشدّ وأعظم مما يستعظمونه . ويجوز أن يراد وفتنتهم إياكم بصدّكم عن المسجد الحرام أشدّ من قتلكم إياهم في الحرم ، أو من قتلهم إياكم إن قتلوكم فلا تبالوا بقتالهم . وقرىء ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم ، فإن قتلوكم جعل وقوع القتل في بعضهم كوقوعه فيهم . يقال قتلتنا بنو فلان . وقال فإن تقتلونا نقتلكم { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عن الشرك والقتال ، كقوله { إِن يَنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } الأنفال 38 { حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } أي شرك { وَيَكُونَ ٱلدّينُ للَّهِ } خالصاً ليس للشيطان فيه نصيب { فَإِنِ انْتَهَوْاْ } عن الشرك { فَلاَ عُدْوٰنَ إِلاَّ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } فلا تعدوا على المنتهين لأنّ مقاتلة المنتهين عدوان وظلم ، فوضع قوله { إِلاَّ عَلَى ٱلظَّـٰلِمِينَ } موضع على المنتهين . أو فلا تظلموا إلا الظالمين غير المنتهين ، سمي جزاء الظالمين ظلماً للمشاكلة ، كقوله تعالى { فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ } أو أريد أنكم إن تعرضتم لهم بعد الانتهاء كنتم ظالمين فيسلط عليكم من يعدو عليكم .