Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 253-254)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ تِلْكَ ٱلرُّسُلُ } إشارة إلى جماعة الرسل التي ذكرت قصصها في السورة ، أو التي ثبت علمها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } لما أوجب ذلك من تفاضلهم في الحسنات { مّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ } منهم من فضله الله بأن كلمه من غير سفير وهو موسى عليه السلام . وقرىء « كلم الله » بالنصب . وقرأ اليماني « كالم الله » ، من المكالمه ، ويدل عليه قولهم كليم الله ، بمعنى مكالمه { وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَـٰتٍ } أي ومنهم من رفعه على سائر الأنبياء ، فكان بعد تفاوتهم في الفضل أفضل منهم درجات كثيرة . والظاهر أنه أراد محمداً صلى الله عليه وسلم لأنه هو المفضل عليهم ، حيث أوتي ما لم يؤته أحد من الآيات المتكاثرة المرتقية إلى ألف آية أو أكثر . ولو لم يؤت إلا القرآن وحده لكفى به فضلاً منيفاً على سائر ما أوتي الأنبياء ، لأنه المعجزة الباقية على وجه الدهر دون سائر المعجزات . وفي هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء قدره ما لا يخفى ، لما فيه من الشهادة على أنه العلم الذي لا يشتبه ، والمتميز الذي لا يلتبس . ويقال للرجل من فعل هذا ؟ فيقول أحدكم أو بعضكم ، يريد به الذي تعورف واشتهر بنحوه من الأفعال ، فيكون أفخم من التصريح به وأنوه بصاحبه . وسئل الحطيئة عن أشعر الناس ؟ فذكر زهيراً والنابغة ثم قال ولو شئت لذكرت الثالث ، أراد نفسه ، ولو قال ولو شئت لذكرت نفسي ، لم يفخم أمره . ويجوز أن يريد إبراهيم ومحمداً وغيرهما من أولي العزم من الرسل . وعن ابن عباس رضي الله عنه . 143 كنا في المسجد نتذاكر فضل الأنبياء ، فذكرنا نوحاً بطول عبادته ، وإبراهيم بخلته ، وموسى بتكليم الله إياه ، وعيسى برفعه إلى السماء ، وقلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل منهم ، بعث إلى الناس كافة وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر وهو خاتم الأنبياء فدخل عليه السلام فقال " فيم أنتم ؟ فذكرنا له . فقال لا ينبغي لأحد أن يكون خيراً من يحيى بن زكريا ، فذكر أنه لم يعمل سيئة قط ولم يهمَّ بها " فإن قلت فلمَ خصّ موسى وعيسى من بين الأنبياء بالذكر ؟ قلت لما أوتيا من الآيات العظيمة والمعجزات الباهرة . ولقد بين الله وجه التفضيل حيث جعل التكليم من الفضل وهو آية من الآيات ، فلما كان هذان النبيان قد أوتيا ما أوتيا من عظام الآيات خصا بالذكر في باب التفضيل . وهذا دليل بين أنّ من زيد تفضيلاً بالآيات منهم فقد فضل على غيره . ولما كان نبينا صلى الله عليه وسلم هو الذي أوتي منها ما لم يؤت أحد في كثرتها وعظمها . كان هو المشهود له بإحراز قصبات الفضل غير مدافع ، اللهمّ ارزقنا شفاعته يوم الدين { وَلَوْ شَاءَ ٱللَّهُ } مشيئة إلجاء وقسر { مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ } من بعد الرسل ، لاختلافهم في الدين ، وتشعب مذاهبهم ، وتكفير بعضهم بعضاً { وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ ءامَنَ } لالتزامه دين الأنبياء { وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ } إعراضه عنه { وَلَوْ شَاء ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ } كرّره للتأكيد { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } من الخذلان والعصمة { أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَـٰكُم } أراد الإنفاق الواجب لاتصال الوعيد به { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ } لا تقدرون فيه على تدارك ما فاتكم من الإنفاق لأنه { لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } حتى تبتاعوا ما تنفقونه { وَلاَ خُلَّةٌ } حتى يسامحكم أخلاؤكم به . وإن أردتم أن يحط عنكم ما في ذمّتكم من الواجب لم تجدوا شفيعاً يشفع لكم في حط الواجبات . لأنّ الشفاعة ثمة في زيادة الفضل لا غير { وَٱلْكَـٰفِرُونَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أراد والتاركون الزكاة هم الظالمون ، فقال { وَٱلْكَـٰفِرُونَ } للتغليظ ، كما قال في آخر آية الحج { وَمَن كَفَرَ } النور 55 مكان ومن لم يحج ، ولأنه جعل ترك الزكاة من صفات الكفار في قوله { وَوَيْلٌ لّلْمُشْرِكِينَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ } فصلت 6 وقرىء « لا بيعُ فيه ولا خلةٌ ولا شفاعةٌ » بالرفع .