Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 275-281)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلرِّبَوٰاْ } كتب بالواو على لغة من يفخم كما كتبت الصلاة والزكاة وزيدت الألف بعدها تشبيها بواو الجمع { لاَ يَقُومُونَ } إذا بعثوا من قبورهم { إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي المصروع . وتخبط الشيطان من زعمات العرب ، يزعمون أن الشيطان يخبط الإنسان فيصرع . والخبط الضرب على غير استواء كخبط العشواء ، فورد على ما كانوا يعتقدون . والمس الجنون . ورجل ممسوس ، وهذا أيضاً من زعماتهم ، وأن الجنيَّ يمسه فيختلط عقله ، وكذلك جن الرجل معناه ضربته الجنّ ورأيتهم لهم في الجن قصص وأخبار وعجائب ، وإنكار ذلك عندهم كإنكار المشاهدات . فإن قلت بم يتعلق قوله { مِنَ ٱلْمَسّ } ؟ قلتبـ لا يقومون ، أي لا يقومون من المسّ الذي بهم إلا كما يقوم المصروع . ويجوز أن يتعلق بيقوم ، أي كما يقوم المصروع من جنونه . والمعنى أنهم يقومون يوم القيامة مخبلين كالمصروعين ، تلك سيماهم يعرفون بها عند أهل الموقف . وقيل الذين يخرجون من الأجداث يوفضون ، إلا أكلة الربا فإنهم ينهضون ويسقطون كالمصروعين ، لأنهم أكلوا الربا فأرباه الله في بطونهم حتى أثقلهم ، فلا يقدرون على الإيفاض { ذَلِكَ } العقاب بسبب قولهم { إِنَّمَا ٱلْبَيْعُ مِثْلُ ٱلرِّبَوٰاْ } . فإن قلت هلا قيل إنما الربا مثل البيع لأنّ الكلام في الربا لا في البيع فوجب أن يقال إنهم شبهوا الربا بالبيع فاستحلوه ، وكانت شبهتهم أنهم قالوا لو اشترى الرجل ما لا يساوي إلا درهما بدرهمين جاز ، فكذلك إذا باع درهماً بدرهمين ؟ قلت جيء به على طريق المبالغة ، وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حل الربا أنهم جعلوه أصلا وقانوناً في الحل حتى شبهوا به البيع . وقوله { وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرّبَوٰاْ } إنكار لتسويتهم بينهما ، ودلالة عل أنّ القياس يهدمه النص ، لأنه جعل الدليل على بطلان قياسهم إحلال الله وتحريمه { فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ } فمن بلغه وعظ من الله وزجر بالنهي عن الربا { فَٱنتَهَىٰ } فتبع النهي وامتنع { فَلَهُ مَا سَلَفَ } فلا يؤخذ بما مضى منه ، لأنه أخذ قبل نزول التحريم { وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ } يحكم في شأنه يوم القيامة ، وليس من أمره إليكم شيء فلا تطالبوه به { وَمَنْ عَادَ } إلى الربا { فَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ } وهذا دليل بيِّن على تخليد الفساق . وذكر فعل الموعظة لأنّ تأنيثها غير حقيقي ، ولأنها في معنى الوعظ . وقرأ أبيٌّ والحسن « فمن جاءته » . { يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرّبَوٰاْ } يذهب ببركته ويهلك المال الذي يدخل فيه . وعن ابن مسعود رضي الله عنه الربا وإن كثر إلى قلّ . { وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَـٰتِ } ما يتصدّق به بأن يضاعف عليه الثواب ويزيد المال الذي أخرجت منه الصدقة ويبارك فيه . وفي الحديث . 151 " ما نقَّصَتْ زكاةٌ من مال قط " { كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ } تغليظ في أمر الربا وإيذان بأنه من فعل الكفار لا من فعل المسلمين . أخذوا ما شرطوا على الناس من الربا وبقيت لهم بقايا ، فأمروا أن يتركوها ولا يطالبوا بها . روي أنها نزلت في ثقيف ، وكان لهم على قوم من قريش مال فطالبوهم عند المحل بالمال والربا . وقرأ الحسن رضي الله عنه « ما بقى » ، بقلب الياء ألفاً على لغة طيىء وعنه « ما بقيْ » بياء ساكنة . ومنه قول جرير @ هُوَ الْخَلِيفَةُ فَارْضَوْا مَا رَضِي لَكُمُو مَاضِي الْعَزِيمَةِ مَا فِي حُكْمِهِ جَنَفُ @@ { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } إن صح إيمانكم ، يعني أنّ دليل صحة الإيمان وثباته امتثال ما أمرتم به من ذلك { فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ } فاعلموا بها ، من أذن بالشيء إذا علم به . وقرىء « فآذنوا » ، فأعلموا بها غيركم ، وهو من الإذن وهو الاستماع ، لأنه من طرق العلم . وقرأ الحسن « فأيقنوا » ، وهو دليل لقراءة العامّة . فإن قلت هلا قيل بحرب الله ورسوله ؟ قلت كان هذا أبلغ ، لأن المعنى فأذنوا بنوع من الحرب عظيم عند الله ورسوله . وروي أنها لما نزلت قالت ثقيف لا يديْ لنا بحرب الله ورسوله . { وَإِن تُبتُمْ } من الارتباء { فَلَكُمْ رُءوسُ أَمْوٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ } المديونين بطلب الزيادة عليها { وَلاَ تُظْلَمُونَ } بالنقصان منها . فإن قلت هذا حكمهم إن تابوا ، فما حكمهم لو لم يتوبوا قلت قالوا يكون مالهم فيئاً للمسلمين ، وروى المفضل عن عاصم لا تظلمون ولا تظلمون { وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ } وإن وقع غريم من غرمائكم ذو عسرة أو ذو إعسار وقرا عثمان رضي الله عنه . « ذا عسرة » على وإن كان الغريم ذا عسرة . وقرىءومن كان ذا عسرة { فَنَظِرَةٌ } أي فالحكم أو فالأمر نظرة وهي الإنظار . وقرىء « فنظْرة » بسكون الظاء . وقرأ عطاء « فناظره » . بمعنى فصاحب الحق ناظره أي منتظره ، أو صاحب نظرته على طريقة النسب كقولهم مكان عاشب وباقل ، أي ذو عشب وذو بقل . وعنه فناظرْه ، على الأمر بمعنى فسامحه بالنظرة وياسره بها { إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ } إلى يسار وقرىء بضم السين ، كمقبرة ومقبرة ومشرقة ومشرقة . وقرىء بهما مضافين بحذف التاء عند الإضافة كقوله @ وَأخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا @@ وقوله تعالى { وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ } النور 37 . { وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } ندب إلى أن يتصدقوا برؤس أموالهم على من أعسر من غرمائهم أو ببعضها ، كقوله تعالى { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } البقرة 237 . وقيل أريد بالتصدق الإنظار لقوله صلى الله عليه وسلم . 152 " لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة " { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنه خير لكم فتعملوا به ، جعل من لا يعمل به وإن علمه كأنه لا يعلمه . وقرىء « تصدّقوا » بتخفيف الصاد على حذف التاء { تُرْجَعُونَ } قرىء على البناء للفاعل والمفعول وقرىء « يرجعون » بالياء على طريقة الالتفات . وقرأ عبد الله « تردّون » وقرأ أبيّ « تصيرون » . وعن ابن عباس أنها آخر آية نزل بها جبريل عليه السلام ، وقال ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة . وعاش رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها أحداً وعشرين يوماً . وقيل أحداً وثمانين . وقيل سبعة أيام . وقيل ثلاث ساعات .