Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 40-41)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِسْرٰءيلَ } هو يعقوب عليه السلام لقب له ، ومعناه في لسانهم صفوة الله ، وقيل عبد الله . وهو بزنة إبرٰهيم وإسمٰعيل غير منصرف مثلهما لوجود العلمية والعجمة . وقرىء « إسرائل » و « إسرائلّ » . وذكرهم النعمة أن لا يخلو بشكرها ، ويعتدوا بها ، ويستعظموها ، ويطيعوا مانحها . وأراد بها ما أنعم به على آبائهم مما عدّد عليهم من الإنجاء من فرعون وعذابه ومن الغرق . ومن العفو عن اتخاذ العجل ، والتوبة عليهم ، وغير ذلك ، وما أنعم به عليهم من إدراك زمن محمد صلى الله عليه وسلم المبشر به في التوراة والإنجيل . والعهد يضاف إلى المعاهِد والمعاهَد جميعاً . يقال أوفيت بعهدي ، أي عاهدت عليه كقوله { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ ٱللَّهِ } التوبة111 وأوفيت بعهدك أي بما عاهدتك عليه . ومعنى { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى } وأوفوا بما عاهدتموني عليه من الإيمان بي والطاعة لي ، كقوله { وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَيْهُٱللَّهَ } الفتح10 ، { وَمِنْهُمْ مَّنْ عَـٰهَدَ ٱللَّهَ } التوبة75 ، { رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَـٰهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ } الأحزاب23 ، { أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب على حسناتكم { وَإِيَّـٰىَ فَٱرْهَبُونِ } فلا تنقضوا عهدي . وهو من قولك زيداً رهبته . وهو أوكد فى إفادة الاختصاص من { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } . وقرىء « وأُوَفِّ » بالتشديد أي أبالغ في الوفاء بعهدكم ، كقوله { مَن جَاء بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مّنْهَا } النمل 189 . ويجوز أن يريد بقوله { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى } ما عاهدوا عليه ووعدوه من الإيمان بنبيّ الرحمة والكتاب المعجز . ويدل عليه قوله { وَءامِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدّقًا لّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } أوّل من كفر به ، أو أوّل فريق أو فوج كافر به ، أو ولا يكن كل واحد منكم أوّل كافر به ، كقولك كسانا حلة ، أي كل واحد منا . وهذا تعريض بأنه كان يجب أن يكونوا أوّل من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته . ولأنهم كانوا المبشرين بزمان من أوحى إليه والمستفتحين على الذين كفروا به . وكانوا يعدون أتباعه أول الناس كلهم ، فلما بعث كان أمرهم على العكس كقوله { لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيّنَةُ } إلى قوله { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ ٱلْبَيّنَةُ } البينة1 - 4 { فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ } البقرة89 . ويجوز أن يراد ولا تكونوا مثل أول كافر به ، يعني من أشرك به من أهل مكة . أي ولا تكونوا وأنتم تعرفونه مذكوراً في التوراة موصوفاً ، مثل من لم يعرفه وهو مشرك لا كتاب له . وقيل الضمير في به لما معكم ، لأنهم إذا كفروا بما يصدّقه فقد كفروا به . والاشتراء استعارة للاستبدال كقوله تعالى { ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ } البقرة16 وقوله @ كَمَا اشْتَرَى المُسْلِمُ إذْ تَنَصَّرَا @@ وقوله @ فإنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَك بالجَهْلِ @@ يعني ولا تستبدلوا بآياتي ثمناً وإلا فالثمن هو المشترى به . والثمن القليل الرياسة التي كانت لهم في قومهم ، خافوا عليها الفوات لو أصبحوا أتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستبدلوها ـــ وهي بدل قليل ومتاع يسير ـــ بآيات الله وبالحق الذي كل كثير إليه قليل ، وكل كبير إليه حقير ، فما بال القليل الحقير . وقيل كانت عامتهم يعطون أحبارهم من زروعهم وثمارهم ، ويهدون إليهم الهدايا ، ويرشونهم الرشا على تحريفهم الكلم ، وتسهيلهم لهم ما صعب عليه من الشرائع . وكان ملوكهم يدرّون عليهم الأموال ليكتموا أو يحرّفوا .