Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 37-39)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى تلقي الكلمات استقبالها بالأخذ والقبول والعمل بها حين علمها . وقرىء بنصب آدم ورفع الكلمات على أنها استقبلته بأن بلغته واتصلت به . فإن قلت ما هنّ ؟ قلت قوله تعالى { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا … } الآيه الأعراف 23 . وعن ابن مسعود رضي الله عنه « إن أحب الكلام إلى الله ما قاله أبونا آدم حين اقترف الخطيئة سبحانك اللَّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ، لا إلٰه إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت » . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال « يا رب ألم تخلقني بيدك ؟ قال بلى . قال يا رب ألم تنفخ فيّ الروح من روحك ؟ قال بلى . قال يا رب ألم تسبق رحمتك غضبك ؟ قال بلى . قال ألم تسكني جنتك ؟ قال بلى . قال يا رب إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة ؟ قال نعم » ، واكتفى بذكر توبة آدم دون توبة حواء ، لأنها كانت تبعاً له ، كما طوى ذكر النساء في أكثر القرآن والسنة لذلك . وقد ذكرها في قوله { قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا } الاعراف23 . { فَتَابَ عَلَيْهِ } فرجع عليه بالرحمة والقبول . فإن قلت لم كرر { قُلْنَا ٱهْبِطُواْ } ؟ قلت للتأكيد ولما نيط به من زيادة قوله { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى } . فإن قلت ما جواب الشرط الأول ؟ قلت الشرط الثاني مع جوابه كقولك إن جئتني فإن قدرت أحسنت إليك . والمعنى فإما يأتينكم مني هدى برسول أبعثه إليكم وكتاب أنزله عليكم بدليل قوله { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَـٰتِنَا } في مقابلة قوله { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ } فإن قلت فلم جيء بكلمة الشك وإتيان الهدى كائن لا محالة لوجوبه ؟ قلت للإيذان بأنّ الإيمان بالله والتوحيد لا يشترط فيه بعثة الرسل وإنزال الكتب . وأنه إن لم يبعث رسولاً ولم ينزل كتاباً ، كان الإيمان به وتوحيده واجباً لما ركب فيهم من العقول ونصب لهم من الأدلة ومكنهم من النظر والاستدلال . فإن قلت الخطيئة التي أهبط بها آدم إن كانت كبيرة فالكبيرة لا تجوز على الأنبياء ، وإن كانت صغيرة ، فلم جرى عليه ما جرى بسببها من نزع اللباس والإخراج من الجنة والإهباط من السماء كما فعل بإبليس ونسبته إلى الغيّ والعصيان ونسيان العهد وعدم العزيمة والحاجة إلى التوبة ؟ قلت ما كانت إلا صغيرة مغمورة بأعمال قلبه من الإخلاص والأفكار الصالحة التي هي أجل الأعمال وأعظم الطاعات . وإنما جرى عليه ما جرى ، تعظيماً للخطيئة وتفظيعاً لشأنها وتهويلاً ، ليكون ذلك لطفاً له ولذريّته في اجتناب الخطايا واتقاء المآثم ، والتنبيه على أنه أخرج من الجنة بخطيئة واحدة ، فكيف يدخلها ذو خطايا جمة . وقرىء « فمن تبع هُدَيَّ » على لغة هذيل ، « فلا خوف » بالفتح .