Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 44-46)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَتَأْمُرُونَ } الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجيب من حالهم . والبرّ سعة الخير والمعروف . ومنه البر لسعته ، ويتناول كل خير . ومنه قولهم صدقت وبررت . وكان الأحبار يأمرون من نصحوه في السر من أقاربهم وغيرهم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ولا يتبعونه . وقيل كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدّقون ، وإذا أتوا بصدقات ليفرّقوها خانوا فيها . وعن محمد بن واسع بلغني أنّ ناساً من أهل الجنة اطلعوا على ناس من أهل النار فقالوا لهم قد كنتم تأمروننا بأشياء عملناها فدخلنا الجنة . قالوا كنا نأمركم بها ونخالف إلى غيرها { وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } وتتركونها من البر كالمنسيات { وَأَنتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } تبكيت مثل قوله { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } يعني تتلون التوراة وفيها نعت محمد صلى الله عليه وسلم ، أو فيها الوعيد على الخيانة وترك البر ومخالفة القول العمل { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } توبيخ عظيم بمعنى أفلا تفطنون ، لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدكم استقباحه عن ارتكابه ، وكأنكم في ذلك مسلوبو العقول لأن العقول تأباه وتدفعه . ونحوه { أُفّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } الأنبياء 67 . { وَٱسْتَعِينُواْ } على حوائجكم إلى الله { بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ } أي بالجمع بينهما ، وأن تصلوا صابرين على تكاليف الصلاة ، محتملين لمشاقها وما يجب فيها ـــ من إخلاص القلب ، وحفظ النيات ، ودفع الوساوس ومراعاة الآداب ، والاحتراس من المكاره مع الخشية والخشوع ، واستحضار العلم بأنه انتصاب بين يدي جبار السمٰوات ، ليسأل فك الرقاب عن سخطه وعذابه . ومنه قوله تعالى { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا } طه 132 أو واستعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها والالتجاء إلى الصلاة عند وقوعها . 34 وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم « إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة » وعن ابن عباس أنه نعى إليه أخوه « قُثَم » وهو في سفر ، فاسترجع وتنحى عن الطريق فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس ، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول واستعينوا بالصبر والصلاة ، وقيل الصبر الصوم ، لأنه حبس عن المفطرات . ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر . ويجوز أن يراد بالصلاة الدعاء ، وأن يستعان على البلايا بالصبر ، والالتجاء إلى الدعاء ، والابتهال إلى الله تعالى في دفعه { وَإِنَّهَا } الضمير للصلاة أو للاستعانة . ويجوز أن يكون لجميع الأمور التي أمر بها بنو إسرائيل ونهوا عنها من قوله { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ } إلى { وَٱسْتَعِينُواْ } . { لَكَبِيرَةٌ } لشاقة ثقيلة من قولك كبر عليّ هذا الأمر ، { كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ } الشورى 13 . فإن قلت ما لها لم تثقل على الخاشعين والخشوع في نفسه مما يثقل ؟ قلت لأنهم يتوقعون ما ادّخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم . ألا ترى إلى قوله تعالى { ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُوا رَبّهِمْ } البقرة 46أي يتوقعون لقاء ثوابه ونيل ما عنده ، ويطمعون فيه . وفي مصحف عبد الله يعلمون . ومعناه يعلمون أن لا بد من لقاء الجزاء فيعملون على حسب ذلك . ولذلك فسر يظنون بيتيقنون . وأما من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب . كانت عليه مشقة خالصة فثقلت عليه كالمنافقين والمرائين بأعمالهم . ومثله من وعد على بعض الأعمال والصنائع أجرة زائدة على مقدار عمله ، فتراه يزاوله برغبة ونشاط وانشراح صدر ومضاحكة لحاضريه ، كأنه يستلذ مزاولته بخلاف حال عامل يتسخره بعض الظلمة . ومن ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 35 " وجعلت قرّة عيني في الصلاة " 36 وكان يقول " يا بلال روّحنا " والخشوع . الإخبات والتطامن . ومنه الخشعة للرملة المتطامنة . وأما الخضوع فاللين والانقياد . ومنه خضعت بقولها إذا لينته .