Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 47-48)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَأَنّى فَضَّلْتُكُمْ } نصب عطف على { نِعْمَتِيَ } أي اذكروا نعمتي وتفضيلي { عَلَى ٱلْعَـٰلَمِينَ } على الجم الغفير من الناس ، كقوله تعالى { بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَـٰلَمِينَ } الأنبياء71 يقال رأيت عالماً من الناس يراد الكثرة { يَوْمًا } يريد يوم القيامة { لاَّ تَجْزِى } لا تقضي عنها شيئًا من الحقوق . ومنه الحديث في جذعة بن نيار 37 « تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك » و { شَيْئاً } مفعول به ويجوز أن يكون في موضع مصدر ، أي قليلاً من الجزاء ، كقوله تعالى { وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } مريم 60 ومن قرأ « لا تجزىء » من أجزأ عنه إذا أغنى عنه ، فلا يكون في قراءته إلا بمعنى شيئاً من الإجزاء . وقرأ أبو السرار الغنوي « لا تجزي نسمة عن نسمة شيئاً » . وهذه الجملة منصوبة المحل صفة لـ يوماً . فإن قلت فأين العائد منها إلى الموصوف ؟ قلت هو محذوف تقديره لا تجزي فيه . ونحوه ما أنشده أبو عليتَرَوَّحِي أَجْدَرُ أَنْ تَقِيلِي أي ماء أجدر بأن تقيلي فيه . ومنهم من ينزل فيقول اتسع فيه ، فأجرى مجرى المفعول به فحذف الجار ثم حذف الضمير كما حذف من قوله أم مال أصابوا . ومعنى التنكير أن نفساً من الأنفس لا تجزي عن نفس منها شيئاً من الأشياء ، وهو الإقناط الكلي القطّاع للمطامع . وكذلك قوله { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَـٰعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } أي فدية لأنها معادلة للمفدى . ومنه الحديث 38 " لا يقبل منه صرف ولا عدل " أي توبة ولا فدية . وقرأ قتادة « ولا يَقْبَلُ منها شفاعةً » على بناء الفعل للفاعل وهو الله عز وجل ، ونصب الشفاعة . وقيل كانت اليهود تزعم أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأويسوا . فإن قلت هل فيه دليل على أنّ الشفاعة لا تقبل للعصاة ؟ قلت نعم ، لأنه نفى أن تقضي نفس عن نفس حقاً أخلت به من فعل أو ترك ، ثم نفى أن يقبل منها شفاعة شفيع فعلم أنها لا تقبل للعصاة . فإن قلت الضمير في { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا } إلى أي النفسين يرجع ؟ قلت إلى الثانية العاصية غير المجزى عنها ، وهي التي لا يؤخذ منها عدل . ومعنى لا يقبل منها شفاعة إن جاءت بشفاعة شفيع لم يقبل منها . ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى ، على أنه لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها ، كما لا تجزئ عنها شيئاً ، ولو أعطت عدلاً عنها لم يؤخذ منها { وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } يعني ما دلت عليه النفس المنكرة من النفوس الكثيرة والتذكير بمعنى العباد والأناسي ، كما تقول ثلاثة أنفس .