Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 87-89)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱلْكِتَـٰبُ } التوراة ، آتاه إياها جملة واحدة . ويقال قفاه إذا أتبعه من القفا . نحو ذنبه ، من الذنب . وقفاه به أتبعه إياه ، يعني وأرسلنا على أثره الكثير من الرسل ، كقوله تعالى { ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى } المؤمنون 44 وهم يوشع وأشمويل وشمعون وداود وسليمان وشعيا وأرميا وعزير وحزقيل وإلياس واليسع ويونس وزكريا ويحيى وغيرهم . وقيل { عِيسَى } بالسريانية يشوع . و { مَرْيَمَ } بمعنى الخادم . وقيل المريم بالعربية من النساء ، كالزير من الرجال . وبه فسر قول رؤبة @ قُلْتُ لِزَيْرٍ لَمْ تَصِلْهُ مَرْيَمُهْ @@ ووزن « مريم » عند النحويين « مفعل » لأن فعيلاً بفتح الفاء لم يثبت في الأبنية كما ثبت نحو عثير وعليب { ٱلْبَيِّنَـٰتُ } المعجزات الواضحات والحجج . كإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص والإخبار بالمغيبات . وقرىء « وآيدناه » . ومنه آجده بالجيم إذا قوّاه . يقال الحمد لله الذي آجدني بعد ضعف ، وأوجدني بعد فقر . { بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } بالروح المقدسة كما تقول حاتم الجود ، ورجل صدق . ووصفها بالقدس كما قال { وَرُوحٌ مّنْهُ } النساء 171 فوصفه بالاختصاص والتقريب للكرامة . وقيل لأنه لم تضمه الأصلاب ، ولا أرحام الطوامث . وقيل بجبريل . وقيل بالإنجيل كما قال في القرآن { وروحا مِنْ أَمْرِنَا } الشورى 52 وقيل باسم الله الأعظم الذي كان يحيي الموتى بذكره . والمعنى ولقد آتينا يابني إسرائيل أنبياءكم ما آتيناهم { أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ } منهم بالحق { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } عن الإيمان به ، فوسط بين الفاء وما تعلقت به همزة التوبيخ والتعجيب من شأنهم . ويجوز أن يريد ولقد آتيناهم ما آتيناهم ففعلتم ما فعلتم . ثم وبخهم على ذلك . ودخول الفاء لعطفه على المقدّر . فإن قلت هلا قيل وفريقاً قتلتم ؟ قلت هو على وجهين أن تراد الحال الماضية ، لأنّ الأمر فظيع فأريد استحضاره في النفوس وتصويره في القلوب ، وأن يراد وفريقاً تقتلونهم بعد لأنكم تحومون حول قتل محمد صلى الله عليه وسلم لولا أني أعصمه منكم . ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة . وقال صلى الله عليه وسلم عند موته 43 " ما زالت أكلةُ خيبر تعادّني ، فهذا أوان قطعت أبهري " { غُلْفٌ } جمع أغلف ، أي هي خلقة وجبلة مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ولا تفقهه ، مستعار من الأغلف الذي لم يختن ، كقولهم { قُلُوبُنَا فِيۤ أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } فصلت 5 . ثم ردّ الله أن تكون قلوبهم مخلوقة كذلك لأنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق ، بأن الله لعنهم وخذلهم بسبب كفرهم ، فهم الذين غلفوا قلوبهم بما أحدثوا من الكفر الزائغ عن الفطرة وتسببوا بذلك لمنع الألطاف التي تكون للمتوقع إيمانهم وللمؤمنين { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } فإيماناً قليلاً يؤمنون . وما مزيدة ، وهو إيمانهم ببعض الكتاب . ويجوز أن تكون القلة بمعنى العدم . وقيل « غلف » تخفيف « غلف » جمع « غلاف » ، أي قلوبنا أوعية للعلم فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره . وروى عن أبي عمرو قلوبنا غلف ، بضمتين { كِتَـٰبٌ مّنْ عِندِ ٱللَّهِ } هو القرآن { مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } من كتابهم لا يخالفه . وقرىء « مصدقاً » ، على الحال . فإن قلت كيف جاز نصبها عن النكرة ؟ قلت إذا وصف النكرة تخصـص فصح انتصاب الحال عنه ، وقد وصف « كتاب » بقوله { مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } وجواب لما محذوف وهو نحو كذبوا به ، واستهانوا بمجيئه ، وما أشبه ذلك { يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } يستنصرون على المشركين ، إذا قاتلوهم قالوا اللَّهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته وصفته في التوراة ، ويقولون لأعدائهم من المشركين قد أظل زمان نبيّ يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم . وقيل معنى { يَسْتَفْتِحُونَ } يفتحون عليهم ويعرفونهم أن نبيّاً يبعث منهم قد قرب أوانه . والسين للمبالغة ، أي يسألون أنفسهم الفتح عليهم ، كالسين في استعجب واستسخر ، أو يسأل بعضهم بعضاً أن يفتح عليهم { فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ } من الحق { كَفَرُواْ بِهِ } بغياً وحسداً وحرصاً على الرياسة . { عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ } أي عليهم وضعاً للظاهر موضع المضمر للدلالة على أنّ اللعنة لحقتهم لكفرهم . واللام للعهد . ويجوز أن تكون للجنس ويدخلوا فيه دخولاً أوّلياً .