Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 37-39)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الوحي إلى أم موسى إما أن يكون على لسان نبيّ في وقتها ، كقوله تعالى { وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيّينَ } المائدة 111 أو يبعث إليها ملكا لا على وجه النبوة ، كما بعث إلى مريم . أو يريها ذلك في المنام فتتنبه عليه أو يلهمها كقوله تعالى { وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَىٰ ٱلنَّحْل } النحل 68 أي أوحينا إليها أمراً لا سبيل إلى التوصل إليه ولا إلى العلم به إلا بالوحي ، وفيه مصلحة دينية فوجب أن يوحي ولا يخلّ به ، أي هو مما يوحى لا محالة وهو أمر عظيم ، مثله يحق بأن يوحي { أَنِ } هي المفسرة لأن الوحي بمعنى القول . القذف مستعمل في معنى الإلقاء والوضع . ومنه قوله تعالى { وَقَذَفَ فِى قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } الأحزاب 26 وكذلك الرمي قال @ غُلاَمٌ رَمَاهُ اللَّهُ بِالْحُسْنِ يَافِعَا @@ أي حصل فيه الحسن ووضعه فيه ، والضمائر كلها راجعة إلى موسى . ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة ، لما يؤدي إليه من تنافر النظم . فإن قلت المقذوف في البحر هو التابوت ، وكذلك الملقى إلى الساحل . قلت ما ضرّك لو قلت المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت ؟ حتى لا تفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن والقانون الذي وقع عليه التحدّي ، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر . لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته أن لا تخطيء جرية ماء اليم الوصول به إلى الساحل وألقاه إليه ، سلك في ذلك سبيل المجاز ، وجعل اليم كأنه ذو تمييز ، أمر بذلك ليطيع الأمر ويمتثل رسمه ، فقيل { فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ } روي أنها جعلت في التابوت قطناً محلوجاً ، فوضعته فيه وجصصته وقيرته ، ثم ألقته في اليم وكان يشرع منه إلى بستان فرعون نهر كبير ، فبينا هو جالس على رأس بركة مع آسية إذا بالتابوت ، فأمر به فأخرج ففتح ، فإذا صبيّ أصبح الناس وجهاً ، فأحبه عدوّ الله حباً شديداً لا يتمالك أن يصبر عنه . وظاهر اللفظ علىٰ أنّ البحر ألقاه بساحله وهو شاطئه لأنّ الماء يسحله أي يقشره وقذف به ثمة فالتقط من الساحل ، إلا أن يكون قد ألقاه اليم بموضع من الساحل فيه فوّهة نهر فرعون ، ثم أدّاه النهر إلى حيث البركة وألقيت عليك محبة مني { مِّنِّى } لا يخلو إما أن يتعلق بألقيت ، فيكون المعنى على أني أحببتك ومن أحبه الله أحبته القلوب . وإما أن يتعلق بمحذوف هو صفة لمحبة ، أي محبة حاصلة أو واقعة مني ، قد ركزتها أنا في القلوب وزرعتها فيها ، فلذلك أحبك فرعون وكل من أبصرك . روي أنه كانت على وجهه مسحة جمال ، وفي عينيه ملاحة ، لا يكاد يصبر عنه من رآه { وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِىۤ } لتربى ويحسن إليك وأنا مراعيك وراقبك ، كما يراعي الرجل الشيء بعينيه إذا اعتنى به ، وتقول للصانع اصنع هذا على عيني أنظر إليك لئلا تخالف به عن مرادي وبغيتي . ولتصنع معطوف على علة مضمرة ، مثل ليتعطف عليك وترأم ونحوه . أو حذف معلله ، أي ولتصنع فعلت ذلك . وقريء « ولتصنع » و لتصنع ، بكسر اللام وسكونها . والجزم على أنه أمر وقرىء « ولتصنع » بفتح التاء والنصب ، أي وليكون عملك وتصرفك على عين مني .