Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 40-41)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
العامل في { إِذْ تَمْشِىۤ } ألقيت أو لتصنع ويجوز أن يكون بدلاً من { إِذْ أَوْحَيْنَآ } فإن قلت كيف يصح البدل والوقتان مختلفان متباعدان ؟ قلت كما يصح - وإن اتسع الوقت وتباعد طرفاه - أن يقول لك الرجل لقيت فلاناً سنة كذا ، فتقول وأنا لقيته إذ ذاك . وربما لقيه هو في أوّلها وأنت في آخرها . يروى أن أخته واسمها مريم جاءت متعرّفة خبره ، فصادفتهم يطلبون له مرضعة يقبل ثديها ، وذلك أنه كان لا يقبل ثدي امرأة فقالت هل أدلكم ؟ فجاءت بالأمّ فقبل ثديها . ويروى أن آسية استوهبته من فرعون وتبنته ، وهي التي أشفقت عليه وطلبت له المراضع . { وَقَتَلْتَ نَفْساً } هي نفس القبطي الذي استغاثه عليه الإسرائيلي . قتله وهو ابن اثنتي عشرة سنة اغتمّ بسبب القتل خوفاً من عقاب الله ومن اقتصاص فرعون ، فغفر الله له باستغفاره حين قال { رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَٱغْفِرْ لِى } القصص 16 ونجاه من فرعون أن ينشب فيه أظفاره حين هاجر به إلى مدين { فُتُوناً } يجوز أن يكون مصدراً على فعول في المتعدّي ، كالثبور والشكور والكفور . وجمع فتن أو فتنة ، على ترك الاعتداد بتاء التأنيث ، كحجوز وبدور ، في حجزة وبدرة أي فتناك ضروباً من الفتن . سأل سعيد بن جبير بن عباس رضي الله عنه ، فقال خلصناك من محنة بعد محنة ولد في عام كان يقتل فيه الولدان ، فهذه فتنة يا ابن جبير . وألقته أمّه في البحر . وهمّ فرعون بقتله . وقتل قبطياً وأجر نفسه عشر سنين . وضلّ الطريق وتفرّقت غنمه في ليلة مظلمة ، وكان يقول عند كل واحدة فهذه فتنة يا ابن جبير ، والفتنة المحنة ، وكل ما يشق على الإنسان وكل ما يبتلي الله به عباده فتنة قال { وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً } الأنبياء 35 . { مَدْيَنَ } على ثماني مراحل من مصر . وعن وهب أنه لبث عند شعيب ثمانياً وعشرين سنة ، منها مهر ابنته ، وقضى أوفىٰ الأجلين { ثَمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يَٰ مُوسىٰ } أي سبق في قضائي وقدري أن أكلمك وأستنبئك وفي وقت بعينه قد وقته لذلك ، فما جئت إلا على ذلك القدر غير مستقدم ولا مستأخر . وقيل على مقدار من الزمان يوحي فيه إلى الأنبياء ، وهو رأس أربعين سنة { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِى } . هذا تمثيل لما خوّله من منزلة التقريب والتكريم والتكليم . مثل حاله بحال من يراه بعض الملوك لجوامع خصال فيه وخصائص ، أهلاً لئلا يكون أحد أقرب منزلة منه إليه ، ولا ألطف محلاً ، فيصطنعه بالكرامة والأثرة ، ويستخلصه لنفسه ، ولا يبصر ولا يسمع إلا بعينه وأذنه ، ولا يأتمن على مكنون سره إلا سواء ضميره .