Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 14-15)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لولا الأولى للتحضيض ، وهذه لامتناع الشيء لوجود غيره . والمعنى ولولا أني قضيت أن أتفضل عليكم في الدنيا بضروب النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة ، وأن أترحم عليكم في الآخرة بالعفو والمغفرة ، لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الإفك ، يقال أفاض في الحديث ، واندفع ، وهضب ، وخاض { إِذْ } ظرف لمسكم ، أو لأفضتم { تَلَقَّوْنَهُ } يأخذه بعضكم من بعض . يقال تلقى القول وتلقنه وتلقفه . ومنه قوله تعالى { فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ } البقرة 37 وقرىء على الأصل « تتلقونه » إذ تلقونه بإدغام الذال في التاء . و « تلقونه » من لقيه بمعنى لقفه ، و « تلقونه » ، من إلقائه بعضهم على بعض . و « تلقونه » و « تأْلِقُونه » ، من الولق والألق وهو الكذب ، و « تلقونه » محكية عن عائشة رضي الله عنها ، وعن سفيان سمعت أمي تقرأ إذ تثقفونه ، وكان أبوها يقرأ بحرف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . فإن قلت ما معنى قوله { بِأَفْوٰهِكُمْ } والقول لا يكون إلاّ بالفم ؟ قلت معناه أن الشيء المعلوم يكون علمه في القلب ، فيترجم عنه اللسان . وهذا الإفك ليس إلاّ قولاً يجري على ألسنتكم ويدور في أفواهكم من غير ترجمة عن علم به في القلب ، كقوله تعالى { يَقُولُونَ بِأَفْوٰهِهِم مَّا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ } آل عمران 167 ، وتحسبونه هيّناً وهو عند الله عظيم أي تحسبونه صغيرة وهو عند الله كبيرة وموجبة . وعن بعضهم أنه جزع عند الموت ، فقيل له فقال أخاف ذنباً لم يكن مني على بال وهو عند الله عظيم . وفي كلام بعضهم لا تقولنّ لشيء من سيئاتك حقير ، فلعله عند الله نخلة وهو عندك نقير . وصفهم بارتكاب ثلاثة آثام وعلق مسّ العذاب العظيم بها ، أحدها تلقى الإفك بألسنتهم ، وذلك أن الرجل كان يلقى الرجل فيقول له ما وراءك ؟ فيحدثه بحديث الإفك حتى شاع وانتشر فلم يبق بيت ولا نادٍ إلاّ طارَ فيه . والثاني التكلم مما لا علم لهم به . والثالث استصغارهم لذلك وهو عظيمة من العظائم .