Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 3-3)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفاسق الخبيث الذي من شأنه الزنى والتقحب ، لا يرغب في نكاح الصوالح من النساء اللاتي على خلاف صفته ، وإنما يرغب في فاسقة خبيثة من شكله ، أو في مشركة ، والفاسقة الخبيثة المسافحة ، كذلك لا يرغب في نكاحها الصلحاء من الرجال وينفرون عنها ، وإنما يرغب فيها من هو من شكلها من الفسقة أو المشركين . ونكاح المؤمن الممدوح عند الله الزانية ورغبته فيها وانخراطه بذلك في سلك الفسقة المتسمين بالزنى محرّم عليه محظور لما فيه من التشبه بالفساق ، وحضور موقع التهمة ، والتسبب لسوء القالة فيه والغيبة وأنواع المفاسد . ومجالسة الخطائين كم فيها من التعرّض لاقتراف الآثام ، فكيف بمزاوجة الزواني والقحاب وقد نبه على ذلك بقوله { وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ } النور 32 وقيل كان بالمدينة موسرات من بغايا المشركين ، فرغب فقراء المهاجرين في نكاحهنّ ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت . وعن عائشة رضي الله عنها أن الرجل إذا زنى بامرأة ، ليس له أن يتزوجها لهذه الآية ، وإذا باشرها كان زانياً . وقد أجازه ابن عباس رضي الله عنهما وشبهه بمن سرق ثمر شجرة ثم اشتراه . 737 وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك ؟ فقالَ " أولُهُ سِفَاحٌ وآخِرُهُ نكاحٌ ، والحرامُ لا يحرمُ الحلال " ، وقيل المراد بالنكاح الوطء ، وليس بقول لأمرين ، أحدهما أن هذه الكلمة أينما وردت في القرآن لم ترد إلاّ في معنى العقد . والثاني فساد المعنى وأداؤه إلى قولك الزاني لا يزني إلاّ بزانية والزانية لا يزني بها إلاّ زان . وقيل كان نكاح الزانية محرّماً في أول الإسلام ثم نسخ ، والناسخ قوله { وَأَنْكِحُواْ ٱلأَيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ } النور 32 . وقيل الإجماع ، وروي ذلك عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه . فإن قلت أي فرق بين معنى الجملة الأولى ومعنى الثانية ؟ قلت معنى الأولى صفة الزاني بكونه غير راغب في العفائف ولكن في الفواجر . ومعنى الثانية صفة الزانية بكونها غير مرغوب فيها للأعفاء ولكن للزناة ، وهما معنيان مختلفان . فإن قلت كيف قدمت الزانية على الزاني أولاً ، ثم قدم عليها ثانياً ؟ قلت سيقت تلك الآية لعقوبتهما على ما جنيا ، والمرأة هي المادة التي منها نشأت الجناية لأنها لو لم تطمع الرجل ولم تومض له ولم تمكنه لم يطمع ولم يتمكن . فلما كانت أصلاً وأولاً في ذلك بديء بذكرها . وأمّا الثانية فمسوقة لذكر النكاح والرجل أصل فيه ، لأنه هو الراغب والخاطب ، ومنه يبدأ الطلب . وعن عمرو بن عبيد رضي الله عنه لا ينكح ، بالجزم على النهي . والمرفوع فيه أيضاً معنى النهي ، ولكن أبلغ وآكد ، كما أن « رحمك الله » و « يرحمك » أبلغ من « ليرحمك » ويجوز أن يكون خبراً محضاً على معنى أن عادتهم جارية على ذلك ، وعلى المؤمن أن لا يدخل نفسه تحت هذه العادة ويتصوّن عنها . وقرىء « وحَرم » بفتح الحاء .