Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 43-44)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يُزْجِى } يسوق . ومنه البضاعة المزجاة التي يزجيها كل أحد لا يرضاها . والسحاب يكون واحداً كالعماء ، وجمعاً كالرباب . ومعنى تأليف الواحد أنه يكون قزعاً فيضم بعضه إلى بعض . وجاز بينه وهو واحد لأن المعنى بين أجزائه ، كما قيل في قوله @ … بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ @@ والركام المتراكم بعضه فوق بعض . والودق المطر { مِنْ خِلَٰلِهِ } من فتوقه ومخارجه جمع خلل ، كجبال في جبل . وقرىء « من خلله » { وَيُنَزّلُ } بالتشديد ، ويكاد سنا على الإدغام . وبرقه جمع برقة ، وهي المقدار من البرق ، كالغرفة واللقمة . وبرقه بضمتين للإتباع ، كما قيل في جمع فعلة فعلات كظلمات . و « سناء برقة » على المدّ المقصور ، بمعنى الضوء ، والممدود بمعنى العلو والارتفاع ، من قولك سنيّ ، مرتفع . و { يَذْهَبُ بِٱلأَبْصَـٰرِ } على زيادة الباء ، كقوله { وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ } البقرة 195 عن أبي جعفر المدني وهذا من تعديد الدلائل على ربوبيته وظهور أمره ، حيث ذكر تسبيح من في السمٰوات والأرض وكل ما يطير بين السماء والأرض ودعاءهم له وابتهالهم إليه ، وأنه سخر السحاب التسخير الذي وصفه وما يحدث فيه من أفعاله حتى ينزل المطر منه ، وأنه يقسم رحمته بين خلقه ويقبضها ويبسطها على ما تقتضيه حكمته ، ويريهم البرق في السحاب الذي يكاد يخطف أبصارهم ، ليعتبروا ويحذروا . ويعاقب بين الليل والنهار ، ويخالف بينهما بالطول والقصر . وما هذه إلاّ براهين في غاية الوضوح على وجوده وثباته . ودلائل منادية على صفاته ، لمن نظر وفكر وتبصر وتدبر . فإن قلت متى رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسبيح من في السمٰوات ودعاءهم ، وتسبيح الطير ودعاءه ، وتنزيل المطر من جبال برد في السماء ، حتى قيل له ألم تر ؟ قلت علمه من جهة إخبار الله إياه بذلك على طريق الوحي . فإن قلت ما الفرق بين من الأولى والثانية والثالثة في قوله { مِنَ ٱلسَّمَاء مِن جِبَالٍ } ، { مِن بَرَدٍ } ؟ قلت الأولى لابتداء الغاية ، والثانية للتبعيض . والثالثة للبيان . أو الأوليان للابتداء والآخرة للتبعيض . ومعناه أنه ينزل البرد من السماء من جبال فيها ، وعلى الأوّل مفعول « ينزل » « من جبال » . فإن قلت ما معنى { مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ } ؟ قلت فيه معنيان . أحدهما أن يخلق الله في السماء جبال برد كما خلق في الأَرض جبال حجر . والثاني أن يريد الكثرة بذكر الجبال ، كما يقال فلان يملك جبالاً من ذهب .