Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 45-46)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبّكَ } ألم تنظر إلى صنع ربك وقدرته ، ومعنى مدّ الظل أن جعله يمتدّ وينبسط فينتفع به الناس { وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِناً } أي لاصقاً بأصل كل مظلّ من جبل وبناء وشجرة . غير منبسط فلم ينتفع به أحد سمي انبساط الظل وامتداده تحركاً منه وعدم ذلك سكوناً ، ومعنى كون الشمس دليلاً أنّ الناس يستدلون بالشمس وبأحوالها في مسيرها على أحوال الظل ، من كونه ثابتاً في مكان و زائلاً ، ومتسعاً ومتقلصاً ، فيبنون حاجتهم إلى الظل واستغناءهم عنه على حسب ذلك . وقبضه إليه أنه ينسخه بضح الشمس { يَسِيراً } أي على مهل . وفي هذا القبض اليسير شيئاً بعد شيء من المنافع ما لا يعدّ ولا يحصر ، ولو قبض دفعة واحدة لتعطلت أكثر مرافق الناس بالظل والشمس جميعاً . فإن قلت ثم في هذين الموضعين كيف موقعها ؟ قلت موقعها لبيان تفاضل الأمور الثلاثة كان الثاني أعظم من الأوّل ، والثالث أعظم منهما ، تشبيهاً لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بين الحوادث في الوقت . ووجه آخر وهو أنه مدّ الظل حين بنى السماء كالقبة المضروبة ، ودحا الأرض تحتها فألقت القبة ظلها على الأرض فيناناً ما في أديمه جوب لعدم النير ، ولو شاء لجعله ساكناً مستقرّاً على تلك الحالة ، ثم خلق الشمس وجعلها على ذلك الظل ، أي سلطها عليه ونصبها دليلاً متبوعاً له كما يتبع الدليل في الطريق ، فهو يزيد بها وينقص ، ويمتدّ ويتقلص ، ثم نسخه بها فقبضه قبضاً سهلاً يسيراً غير عسير . ويحتمل أن يريد قبضه عند قيام الساعة بقبض أسبابه وهي الأجرام التي تبقى الظل فيكون قد ذكر إعدامه بإعدام أسبابه ، كما ذكر إنشاءه بإنشاء إسبابه ، وقوله قبضناه إلينا يدلّ عليه ، وكذلك قوله يسيراً ، كما قال { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } ق 44 .