Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 189-191)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَأَخَذَهُمْ } الله بنحو ما اقترحوا من عذاب الظلة إن أرادوا بالسماء السحاب ، وإن أرادوا المظلة فقد خالف بهم عن مقترحهم . يروى أنه حبس عنهم الريح سبعاً ، وسلط عليهم الومد . فأخذ بأنفاسهم لا ينفعهم ظلّ ولا ماء ولا سرب ، فاضطرّوا إلى أن خرجوا إلى البرية فأظلتهم سحابة وجدوا لها برداً ونسيماً ، فاجتمعوا تحتها فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا . وروي أنّ شعيباً بعث إلى أمتين أصحاب مدين ، وأصحاب الأيكة ، فأهلكت مدين بصيحة جبريل ، وأصحاب الأيكة بعذاب يوم الظلة . فإن قلت كيف كرّر في هذه السورة في أوّل كل قصة وآخرها ما كرّر ؟ قلت كل قصة منها كتنزيل برأسه ، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها ، فكانت كل واحدة منها تدلي بحق في أن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها ، وأن تختتم بما اختتمت به ، ولأنّ في التكرير تقريراً للمعاني في الأنفس ، وتثبيتاً لها في الصدور . ألا ترى أنه لا طريق إلى تحفظ العلوم إلا ترديد ما يراد تحفظه منها ، وكلما زاد ترديده كان أمكن له في القلب وأرسخ في الفهم وأثبت للذكر وأبعد من النسيان ، ولأنّ هذه القصص طرقت بها آذان وقر عن الإنصات للحق ، وقلوب غلف عن تدبره ، فكوثرت بالوعظ والتذكير ، وروجعت بالترديد والتكرير لعل ذلك يفتح أذناً ، أو يفتق ذهناً ، أو يصقل عقلاً طال عهده بالصقل ، أو يجلو فهما قد غطى عليه تراكم الصدأ .