Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 7-9)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وصف الزوج وهو الصنف من النبات بالكرم ، والكريم صفة لكل ما يرضي ويحمد في بابه ، يقال وجه كريم ، إذا رضي في حسنه وجماله ، وكتاب كريم مرضيّ في معانيه وفوائده ، وقال @ حَتَّى يَشُقَّ الصُّفُوفَ مِنْ كَرَمِهْ @@ أي من كونه مرضياً في شجاعته وبأسه . والنبات الكريم المرضي فيما يتعلق به من المنافع { إِنَّ فِى } إنبات تلك الأصناف { لآيَةً } على أن منبتها قادر على إحياء الموتى ، وقد علم الله أن أكثرهم مطبوع على قلوبهم ، غير مرجو إيمانهم { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } في انتقامه من الكفرة { ٱلرَّحِيمُ } لمن تاب وآمن وعمل صالحاً . فإن قلت ما معنى الجمع بين كم وكل ، ولو قيل كم أنبتنا فيها من زوج كريم ؟ قلت قد دلّ { كُلٌّ } على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل ، و { كَمْ } على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة ، فهذا معنى الجمع بينهما ، وبه نبه على كمال قدرته . فإن قلت فما معنى وصف الزوج بالكريم ؟ قلت يحتمل معنيين ، أحدهما أن النبات على نوعين نافع وضارّ ، فذكر كثرة ما أنبت في الأرض من جميع أصناف النبات النافع ، وخلى ذكر الضارّ . والثاني أن يعم جميع النبات نافعه وضارّه . ويصفهما جميعاً بالكرم وينبه على أنه ما أنبت شيئاً إلا وفيه فائدة ، لأنّ الحكيم لا يفعل فعلاً إلا لغرض صحيح ولحكمة بالغة ، وإن غفل عنها الغافلون ، ولم يتوصل إلى معرفتها العاقلون . فإن قلت فحين ذكر الأزواج ودلَّ عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة ، وكانت بحيث لا يحصيها إلا عالم الغيب ، كيف قال { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً } وهلا قال آيات ؟ قلت فيه وجهان أن يكون ذلك مشاراً به إلى مصدر أنبتنا ، فكأنه قال إن في الإنبات لآية أيّ آية . وأن يراد أن في كل واحدة من تلك الأزواج لآية . وقد سبقت لهذا الوجه نظائر .