Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 16-16)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ورث منه النبوّة والملك دون سائر بنيه - وكانوا تسعة عشر - وكان داود أكثر تعبداً ، وسليمان أقضى وأشكر لنعمة الله { وَقَالَ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } تشهيراً لنعمة الله ، وتنويهاً بها ، واعترافاً بمكانها ، ودعاء للناس إلى التصديق بذكر المعجزة التي هي علم منطق الطير ، وغير ذلك مما أوتيه من عظائم الأمور . والمنطق كل ما يصوت به من المفرد والمؤلف ، المفيد وغير المفيد . وقد ترجم يعقوب بن السكيت كتابه بإصلاح المنطق ، وما أصلح فيه إلا مفردات الكلم ، وقالت العرب نطقت الحمامة ، وكل صنف من الطير يتفاهم أصواته ، والذي علمه سليمان من منطق الطير هو ما يفهم بعضه من بعض من معانيه وأغراضه . ويحكى أنه مر على بلبل في شجرة يحرك رأسه ويميل ذنبه ، فقال لأصحابه أتدرون ما يقول ؟ قالوا الله ونبيه أعلم قال يقول أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء . وصاحت فاختة فأخبر أنها تقول ليت ذا الخلق لم يخلقوا . وصاح طاووس ، فقال يقول كما تدين تدان . وصاح هدهد ، فقال يقول استغفروا الله يا مذنبين . وصاح طيطوي ، فقال يقول كل حيّ ميت ، وكل جديد بال . وصاح خطاف فقال يقول قدّموا خيراً تجدوه . وصاحت رخمة ، فقال تقول سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه . وصاح قمري ، فأخبر أنه يقول سبحان ربي الأعلى . وقال الحدأ يقول كل شيء هالك إلا الله . والقطاة تقول من سكت سلم . والببغاء تقول ويل لمن الدنيا همه . والديك يقول اذكروا الله يا غافلين . والنسر يقول يا ابن آدم عش ما شئت آخرك الموت . والعقاب يقول في البعد من الناس أنس . والضفدع يقول سبحان ربي القدوس . وأراد بقوله { مِن كُلّ شَىْء } كثرة ما أوتي ، كما تقول فلان يقصده كل أحد ، ويعلم كل شيء ، تريد كثرة قصاده ورجوعه إلى غزارة في العلم واستكثار منه . ومثله قوله { وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شَىْء } النمل 23 . { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } قول وارد على سبيل الشكر والمحمدة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 795 " أَنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخر " أي أقول هذا القول شكراً ولا أقوله فخراً . فإن قلت كيف قال علمنا وأوتينا وهو من كلام المتكبرين ؟ قلت فيه وجهان ، أحدهما أن يريد نفسه وأباه . والثاني أن هذه النون يقال لها نون الواحد المطاع - وكان ملكاً مطاعاً - فكلم أهل طاعته على صفته وحاله التي كان عليها ، وليس التكبر من لوازم ذلك ، وقد يتعلق بتجمل الملك وتفخمه ، وإظهار آيينه وسياسته مصالح ، فيعود تكلف ذلك واجباً . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل نحواً من ذلك إذا وفد عليه وفد أو احتاج أن يرجح في عين عدوّ . ألا ترى كيف أمر العباس رضي الله عنه بأن يحبس أبا سفيان حتى تمرّ عليه الكتائب .