Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 18-18)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قيل هو واد بالشام كثير النمل . فإن قلت لم عدّي { أَتَوْا } بعلى ؟ قلت يتوجه على معنيين أحدهما أن إتيانهم كان من فوق ، فأتى بحرف الاستعلاء ، كما قال أبو الطيب @ وَلَشُدَّ مَا قَرُبَتْ عَلَيْكَ الأَنْجُمُ @@ لما كان قرباً من فوق . والثاني أن يراد قطع الوادي وبلوغ آخره ، من قولهم أتى على الشيء إذا أنفذه وبلغ آخره كأنهم أرادوا أن ينزلوا عند منقطع الوادي ، لأنهم ما دامت الريح تحملهم في الهواء لا يخاف حطمهم . وقرىء « نُمُلة يا أيها النمل » ، بضم الميم وبضم النون والميم ، وكان الأصل النمل ، بوزن الرجل ، والنمل الذي عليه الاستعمال تخفيف عنه ، كقولهم « السبع » في السبع . قيل كانت تمشي وهي عرجاء تتكاوس ، فنادت { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ } الآية ، فسمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال . وقيل كان اسمها طاخية . وعن قتادة أنه دخل الكوفة فالتف عليه الناس ، فقال سلوا عما شئتم ، وكان أبو حنيفة رحمه الله حاضراً - وهو غلام حدث - . فقال سلوه عن نملة سليمان ، أكانت ذكراً أم أنثى ؟ فسألوه فأفحم ، فقال أبو حنيفة كانت أنثى ، فقيل له من أين عرفت ؟ قال من كتاب الله ، وهو قوله { قَالَتْ نَمْلَةٌ } ولو كانت ذكراً لقال قال نملة . وذلك أنّ النملة مثل الحمامة والشاة في وقوعها على الذكر والأنثى ، فيميز بينهما بعلامة ، نحو قولهم حمامة ذكر ، وحمامة أنثى ، وهو وهي . وقرىء « مسكنكم ولا يحطمنكم » بتخفيف النون ، وقرىء « لا يحطمنكم » بفتح الحاء وكسرها . وأصله يحتطمنكم . ولما جعلها قائلة والنمل مقولاً لهم كما يكون في أولي العقل أجرى خطابهم مجرى خطابهم . فإن قتل لا يحطمنكم ما هو ؟ قلت يحتمل أن يكون جواباً للأمر ، وأن يكون نهياً بدلاً من الأمر ، والذي جوّز أن يكون بدلاً منه أنه في معنى لا تكونوا حيث أنتم فيحطمكم ، على طريقة لا أرينك ههنا ، أراد لا يحطمنكم جنود سليمان ، فجاء بما هو أبلغ ، ونحوه عجبت من نفسي ومن إشفاقها .