Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 79-81)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أمره بالتوكل على الله وقلة المبالاة بأعداء الدين ، وعلل التوكل بأنه على الحق الأبلج الذي لا يتعلق به الشكّ والظنّ . وفيه بيان أنّ صاحب الحق حقيق بالوثوق بصنع الله وبنصرته ، وأن مثله لا يخذل . فإن قلت { إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } يشبه أن يكون تعليلاً آخر للتوكل ، فما وجه ذلك ؟ قلت وجهه أن الأمر بالتوكل جعل مسبباً عما كان يغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة المشركين وأهل الكتاب من ترك اتباعه وتشييع ذلك بالأذى والعداوة ، فلاءم ذلك أن يعلل توكل متوكل مثله ، بأن اتباعهم أمر قد يئس منه ، فلم يبق إلا الاستنصار عليهم لعداوتهم واستكفاء شرورهم وأذاهم ، وشبهوا بالموتى وهم أحياء صحاح الحواس ، لأنهم إذا سمعوا ما يتلى عليهم من آيات الله - فكانوا أقماع القول لا تعيه آذانهم وكان سماعهم كلا سماع - كانت حالهم - لانتفاء جدوى السماع - كحال الموتى الذين فقدوا مصحح السماع وكذلك تشبيههم بالصمّ الذين ينعق بهم فلا يسمعون . وشبهوا بالعمى حيث يضلون الطريق ولا يقدر أحد أن ينزع ذلك عنهم ، وأن يجعلهم هداة بصراء إلا الله عز وجل . فإن قلت ما معنى قوله { إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } ؟ قلت هو تأكيد لحال الأصم ، لأنه إذا تباعد عن الداعي بأن يولي عنه مدبراً كان أبعد عن إدراك صوته . وقرىء « ولا يسمع الصمّ » « وما أنت بهاد العمى » ، على الأصل . وتهدي العمى . وعن ابن مسعود « وما أن تهدي العمى » ، وهداه عن الضلال . كقولك سقاه عن العيمة أي أبعده عنها بالسقي ، وأبعده عن الضلال بالهدى { إِن تُسْمِعُ } أي ما يجدي إسماعك إلا على الذين علم الله أنهم يؤمنون بآياته ، أي يصدقون بها { فَهُم مُّسْلِمُونَ } أي مخلصون من قوله { بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ } البقرة 112 يعني جعله سالماً لله خالصاً له .