Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 41-42)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فإن قلت ما معنى قوله { وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ } ؟ قلت معناه ودعوناهم أئمة دعاة إلى النار ، وقلنا إنهم أئمة دعاة إلى النار ، كما يدعي خلفاء الحق أئمة دعاة إلى الجنة . وهو من قولك جعله بخيلاً وفاسقاً ، إذا دعاه وقال إنه بخيل وفاسق . ويقول أهل اللغة في تفسير فسقه وبخله جعله بخيلاً وفاسقاً . ومنه قوله تعالى { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلَـٰئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَـٰثاً } الزخرف 19 ومعنى دعوتهم إلى النار دعوتهم إلى موجباتها من الكفر والمعاصي { وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } كما ينصر الأئمة الدعاة إلى الجنة . ويجوز خذلناهم حتى كانوا أئمة الكفر . ومعنى الخذلان منع الألطاف ، وإنما يمنعها من علم أنها لا تنفع فيه ، وهو المصمم على الكفر الذي لا تغني عنه الآيات والنذر ، ومجراه مجرى الكناية لأنّ منع الألطاف يردف التصميم ، والغرض بذكره التصميم نفسه ، فكأنه قيل صمموا على الكفر حتى كانوا أئمة فيه دعاة إليه وإلى سوء عاقبته . فإن قلت فأي فائدة في ترك المردوف إلى الرادفة ؟ قلت ذكر الرادفة يدل على وجود المردوف فيعلم وجود المردوف مع الدليل الشاهد بوجوده ، فيكون أقوى لإثباته من ذكره . ألا ترى أنك تقول لولا أنه مصمم على الكفر مقطوع أمره مثبوت حكمه لما منعت منه الألطاف ، فبذكر منع الألطاف يحصل العلم بوجود التصميم على الكفر وزيادة ، وهو قيام الحجة على وجوده . وينصر هذا الوجه قوله { وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ } كأنه قيل وخذلناهم في الدنيا وهم يوم القيامة مخذولون ، كما قال { وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً } أي طرداً وإبعاداً عن الرحمة { وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مِّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ } أي من المطرودين المبعدين .