Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 47-47)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَوْلاَ } الأولى امتناعية وجوابها محذوف ، والثاني تحضيضية ، وإحدى الفاءين للعطف ، والأخرى جواب لولا ، لكونها في حكم الأمر ، من قبل أن الأمر باعث على الفعل ، والباعث والمحضـض من واد واحد . والمعنى ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدّموا من الشرك والمعاصي هلا أرسلت إلينا رسولاً ، محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم ، يعني أن إرسال الرسول إليهم إنما هو ليلزموا الحجة ولا يلزموها ، كقوله { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ } النساء 165 ، { أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } المائدة 19 ، { لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتِّبِعَ ءايَـٰتِكَ } . فإن قلت كيف استقام هذا المعنى وقد جعلت العقوبة هي السبب في الإرسال لا القول ، لدخول حرف الامتناع عليها دونه ؟ قلت القول هو المقصود بأن يكون سبباً لإرسال الرسل ، ولكن العقوبة لما كانت هي السبب للقول وكان وجوده بوجودها ، جعلت العقوبة كأنها سبب الإرسال بواسطة القول ، فأدخلت عليها لولا ، وجيء بالقول معطوفاً عليها بالفاء المعطية معنى السببية ، ويؤول معناه إلى قولك ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة لما أرسلنا ، ولكن اختيرت هذه الطريقة لنكتة وهي أنهم لو لم يعاقبوا مثلاً على كفرهم وقد عاينوا ما ألجئوا به إلى العلم اليقين لم يقولوا { لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً } وإنما السبب في قولهم هذا هو العقاب لا غير لا التأسف على ما فاتهم من الإيمان بخالقهم . وفي هذا من الشهادة القوية على استحكام كفرهم ورسخوه فيهم ما لا يخفى ، كقوله تعالى { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } الأنعام 28 . ولما كانت أكثر الأعمال تزاول بالأيدي جعل كل عمل معبراً عنه باجتراح الأيدي وتقدم الأيدي وإن كان من أعمال القلوب ، وهذا من الاتساع في الكلام وتصيير الأقل تابعاً للأكثر وتغليب الأكثر على الأقل .