Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 45-45)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصلاة تكون لطفاً في ترك المعاصي ، فكأنها ناهية عنها . فإن قلت كم من مصل يرتكب ولا تنهاه صلاته ؟ قلت الصلاة التي هي الصلاة عند الله المستحق بها الثواب أن يدخل فيها مقدّماً للتوبة النصوح ، متقياً لقوله تعالى { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } المائدة 27 ويصليها خاشعاً بالقلب والجوارح ، فقد روي عن حاتم كأنّ رجلي على الصراط والجنة عن يميني والنار عن يساري وملك الموت من فوقي ، وأصلي بين الخوف والرجاء ثم يحوطها بعد أن يصليها فلا يحبطها ، فهي الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر . وعن ابن عباس رضي الله عنهما 827 " من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعداً " وعن الحسن رحمه الله من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، فليست صلاته بصلاة ، وهي وبال عليه . وقيل من كان مراعياً للصلاة جرّه ذلك إلى أن ينتهي عن السيئات يوماً ما ، فقد روي أنه 828 قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ فلاناً يصلي بالنهار ويسرق بالليل ، فقال " إنّ صلاته لتردعه " وروي 829 أنّ فتى من الأنصار كان يصلي معه الصلوات ، ولا يدع شيئاً من الفواحش إلا ركبه ، فوصف له فقال " إن صلاته ستنهاه " فلم يلبث أن تاب . وعلى كل حال إنّ المراعي للصلاة لا بدّ أن يكون أبعد من الفحشاء والمنكر ممن لا يراعيها . وأيضاً فكم من مصلين تنهاهم الصلاة عن الفحشاء والمنكر ، واللفظ لا يقتضي أن لا يخرج واحد من المصلين عن قضيتها ، كما تقول إنّ زيداً ينهى عن المنكر فليس غرضك أنه ينهى عن جميع المناكير ، وإنما تريد أنّ هذه الخصلة موجودة فيه وحاصلة منه من غير اقتضاء للعموم { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } يريد وللصلاة أكبر من غيرها من الطاعات ، وسماها بذكر الله كما قال { فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } الجمعة 9 وإنما قال ولذكر الله ليستقلّ بالتعليل ، كأنه قال وللصلاة أكبر ، لأنها ذكر الله . أو ولذكر الله عند الفحشاء والمنكر وذكر نهيه عنهما ووعيده عليهما أكبر ، فكان أولى بأن ينهى من اللطف الذي في الصلاة . وعن ابن عباس رضي الله عنهما ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركم إياه بطاعته { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } من الخير والطاعة ، فيثيبكم أحسن الثواب .