Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 102-103)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حَقَّ تُقَاتِهِ } واجب تقواه وما يحق منها ، وهو القيام بالمواجب واجتناب المحارم ، ونحوه { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } التغابن 16 يريد بالغوا في التقوى حتى لا تتركوا من المستطاع منها شيئاً . وعن عبد الله 195 " هو أن يطاع فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى " وروي مرفوعاً . وقيل هو أن لا تأخذه في الله لومة لائم ، ويقوم بالقسط ولو على نفسه أو ابنه أو أبيه . وقيل لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يخزن لسانه ، والتقاة من اتقى كالتؤدة من اتأد { وَلاَ تَمُوتُنَّ } معناه ولا تكوننّ على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت ، كما تقول لمن تستعين به على لقاء العدوّ لا تأتني إلا وأنت على حصان ، فلا تنهاه عن الإتيان ولكنك تنهاه عن خلاف الحال التي شرطت عليه في وقت الإتيان . قولهم اعتصمت بحبله يجوز أن يكون تمثيلاً لاستظهاره به ووثوقه بحمايته ، بامتساك المتدلي من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن انقطاعه ، وأن يكون الحبل استعارة لعهده والاعتصام لوثوقه بالعهد ، أو ترشيحاً لاستعارة الحبل بما يناسبه . والمعنى واجتمعوا على استعانتكم بالله ووثوقكم به ولا تفرقوا عنه . أو واجتمعوا على التمسك بعهده إلى عباده وهو الإيمان والطاعة أو بكتابه لقول النبي صلى الله عليه وسلم 196 " القرآن حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق عن كثرة الردّ ، من قال به صدق ومن عمل به رشد ، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم " { وَلاَ تَفَرَّقُواْ } ولا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كما اختلفت اليهود والنصارى ، أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية متدابرين يعادي بعضكم بعضاً ويحاربه ـــ أو ولا تحدثوا ما يكون عنه التفرق ويزول معه الاجتماع والألفة التي أنتم عليها مما يأباه جامعكم والمؤلف بينكم ، وهو اتباع الحق والتمسك بالإسلام . كانوا في الجاهلية بينهم الإحن والعداوات والحروب المتواصلة ، فألف الله بين قلوبهم بالإسلام . وقذف فيها المحبة فتحابوا وتوافقوا وصاروا { إِخْوَانًا } متراحمين متناصحين مجتمعين على أمر واحد قد نظم بينهم وأزال الاختلاف ، وهو الأخوة في الله وقيل هم الأوس والخزرج ، كانا أخوين لأب وأم ، فوقعت بينهما العداوة وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة إلى أن أطفأ الله ذلك بالإسلام وألف بينهم برسول الله صلى الله عليه وسلم { وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ ٱلنَّارِ } وكنتم مشفين على أن تقعوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر { فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا } بالإسلام . والضمير للحفرة أو للنار أو للشفا وإنما أنث لإضافته إلى الحفرة وهو منها كما قال @ كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ @@ وشفا الحفرة وشفتها حرفها ، بالتذكير والتأنيث ، ولامها واو ، إلا أنها في المذكر مقلوبة وفي المؤنث محذوفة ، ونحو الشفا والشفة الجانب والجانبة . فإن قلت كيف جعلوا على حرف حفرة من النار ؟ قلت لو ماتوا على ما كانوا عليه وقعوا في النار ، فمثلت حياتهم التي يتوقع بعدها الوقوع في النار بالقعود على حرفها مشفين على الوقوع فيها { كَذٰلِكَ } مثل ذلك البيان البليغ { يُبَيّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ ءايَـٰتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } إرادة أن تزدادوا هدى .