Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 140-141)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قرىء « قرح » بفتح القاف وضمها ، وهما لغتان كالضعف والضعف . وقيل هو بالفتح الجراح ، وبالضم ألمها . وقرأ أبو السَّمَّال « قرح » بفتحتين . وقيل القرح والقرح كالطرد والطرد . والمعنى إن نالوا منكم يوم أحد فقد نلتم منهم قبله يوم بدر ، ثم لم يضعف ذلك قلوبهم ولم يثبطهم عن معاودتكم بالقتال . فأنتم أولى أن لا تضعفوا . ونحوه { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } النساء 104 وقيل كان ذلك يوم أحد ، فقد نالوا منهم قبل أن يخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن قلت كيف قيل { قَرْحٌ مّثْلُهُ } وماكان قرحهم يوم أحد مثل قرح المشركين ؟ قلت بلى كان مثله ، ولقد قتل يومئذ خلق من الكفار . ألا ترى إلى قوله تعالى { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَـٰزَعْتُمْ فِى ٱلأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مّن بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَّا تحبون } آل عمران 75 . { وَتِلْكَ ٱلاْيَّامُ } تلك مبتدأ ، والأيام صفته . و { نُدَاوِلُهَا } خبره ، ويجوز أن يكون { تِلْكَ ٱلاْيَّامِ } مبتدأ وخبراً ، كما تقول هي الأيام تبلي كل جديد . والمراد بالأيام أوقات الظفر والغلبة ، نداولها نصرفها بين الناس نديل تارة لهؤلاء وتارة لهؤلاء ، كقوله وهو من أبيات الكتاب @ فَيَوْما عَلَيْنَا وَيَوماً لَنَا وَيَوْما نُسَاءُ وَيَوما نُسَرّ @@ ومن أمثال العرب الحرب سجال . وعن أبي سفيان 212 أنه صعد الجبل يوم أحد فمكث ساعة ثم قال أين ابن أبي كبشة ، أين ابن أبي قحافة ، أين ابن الخطاب . فقال عمر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أبو بكر ، وها أنا عمر . فقال أبو سفيان يوم بيوم والأيام دول والحرب سجال . فقال عمر رضي الله عنه لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار . فقال إنكم تزعمون ذلك فقد خبنا إذن وخسرنا ، والمداولة مثل المعاورة . وقال @ يَرِدُ المِيَاهَ فَلاَ يَزَالُ مُدَاوِلا فِي النَّاسِ بَيْنَ تَمَثلٍ وَسَمَاعِ @@ يقال داولت بينهم الشيء فتداولوه { وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } فيه وجهان أحدهما أن يكون المعلل محذوفاً معناه وليتميز الثابتون على الإيمان منكم من الذين على حرف ، فعلنا ذلك وهو من باب التمثيل ، بمعنى فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الإيمان منكم من غير الثابت ، وإلا فالله عز وجل لم يزل عالماً بالأشياء قبل كونها . وقيل معناه وليعلمهم علماً يتعلق به الجزاء ، وهو أن يعلمهم موجوداً منهم الثبات ، والثاني أن تكون العلة محذوفة ، وهذا عطف عليه ، معناه وفعلنا ذلك ليكون كيت وكيت وليعلم الله . وإنما حذف للإيذان بأن المصلحة فيما فعل ليست بواحدة ، ليسليهم عما جرى عليهم ، وليبصرهم أن العبد يسوءه ما يجري عليه من المصائب ، ولا يشعر أنّ لله في ذلك من المصالح ما هو غافل عنه { وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ } وليكرم ناساً منكم بالشهادة ، يريد المستشهدين يوم أحد . أو وليتخذ منكم من يصلح للشهادة على الأمم يوم القيامة بما يبتلى به صبركم من الشدائد ، من قوله تعالى { لّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى ٱلنَّاسِ } البقرة 143 . { وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ } اعتراض بين بعض التعليل وبعض . ومعناه والله لا يحب من ليس من هؤلاء الثابتين على الإيمان المجاهدين في سبيل الله ، الممحصين من الذنوب . والتمحيص التطهير والتصفية { وَيَمْحَقَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } ويهلكهم . يعني إن كانت الدولة على المؤمنين فللتمييز والاستشهاد والتمحيص ، وغير ذلك مما هو أصلح لهم . وإن كانت على الكافرين ، فلمحقهم ومحو آثارهم .