Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 196-197)
Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لاَ يَغُرَّنَّكَ } الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد ، أي لا تنظر إلى ما هم عليه من سعة الرزق والمضطرب ودرك العاجل وإصابة حظوظ الدنيا ، ولا تغتر بظاهر ما ترى من تبسطهم في الأرض ، وتصرفهم في البلاد يتكسبون ويتجرون ويتدهقنون . وعن ابن عباس هم أهل مكة . وقيل هم اليهود . وروي أن أناساً من المؤمنين كانوا يرون ما كانوا فيه من الخصب والرخاء ولين العيش فيقولون إن أعداء الله فيما نرى من الخير وقد هلكنا من الجوع والجهد . فإن قلت كيف جاز أن يغتر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك حتى ينهي عن الاغترار به ؟ قلت فيه وجهان أحدهما أن مدرة القوم ومتقدّمهم يخاطب بشيء فيقوم خطابه مقام خطابهم جميعاً ، فكأنه قيل لا يغرنكم والثاني أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غير مغرور بحالهم فأكد عليه ما كان عليه وثبت على التزامه ، كقوله { وَلاَ تَكُنْ مع ٱلْكَـٰفِرِينَ } هود 42 ، { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } الأنعام 14 ، { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذّبِينَ } القلم 8 وهذا في النهي نظير قوله في الأمر { ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } الفاتحة 6 ، { يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ءامِنُواْ } النساء 36 وقد جعل النهي في الظاهر للتقلب وهو في المعنى للمخاطب ، وهذا من تنزيل السبب منزلة المسبب ، لأنّ التقلب لو غرّه لاغتر به ، فمنع السبب ليمتنع المسبب . وقرىء « لا يغرنك » بالنون الخفيفة { مَتَـٰعٌ قَلِيلٌ } خبر مبتدأ محذوف ، أي ذلك متاع قليل وهو التقلب في البلاد ، أراد قلته في جنب ما فاتهم من نعيم الآخرة ، أو في جنب ما أعدّ الله للمؤمنين من الثواب ، أو أراد أنه قليل في نفسه لانقضائه وكل زائل قليل . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 245 " ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ، فلينظر بم يرجع " { وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } وساء ما مهدوا لأنفسهم .