Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 75-76)

Tafsir: al-Kaššāf ʿan ḥaqāʾiq ġawāmiḍ at-tanzīl wa-ʿuyūn al-aqāwīl fī wuǧūh at-taʾwīl

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عن ابن عباس { مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ } هو عبد الله بن سلام ، استودعه رجل من قريشٍ ألفاً ومائتي أوقية ذهباً فأدّاه إليه . و { مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ } فنحاص بن عازوراء استودعه رجل من قريش ديناراً فجحده وخانه . وقيل المأمونون على الكثير النصارى ، لغلبة الأمانة عليهم . والخائنون في القليل اليهود ، لغلبة الخيانة عليهم { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا } إلا مدّة دوامك عليه يا صاحب الحق قائماً على رأسه متوكلاً عليه بالمطالبة والتعنيف ، أو بالرفع إلى الحاكم وإقامة البينة عليه . وقرىء « يؤده » بكسر الهاء والوصل ، وبكسرها بغير وصل ، وبسكونها . وقرأ يحيى بن وثاب « تئمنه » ، بكسر التاء . ودمت بكسر الدال من دام يدام { ذٰلِكَ } إشارة إلى ترك الأداء الذي دلّ عليه لم يؤدّه ، أي تركهم أداء الحقوق بسبب قولهم { لَيْسَ عَلَيْنَا فِى ٱلامّيِينَ سَبِيلٌ } أي لا يتطرّق علينا عتاب وذم في شأن الأمييين ، يعنون الذين ليسوا من أهل الكتاب ، وما فعلنا بهم من حبس أموالهم والإضرار بهم ، لأنهم ليسوا على ديننا ، وكانوا يستحلون ظلم من خالفهم ويقولون لم يجعل لهم في كتابنا حرمة . وقيل بايع اليهود رجالاً من قريش ، فلما أسلموا تقاضوهم فقالوا ليس لكم علينا حق حيث تركتم دينكم ، وادعوا أنهم وجدوا ذلك في كتابهم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال عند نزولها 174 " كذب أعداء الله ما من شيء في الجاهلية إلا وهو تحت قدميَّ ، إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البرّ والفاجر " وعن ابن عباس أنه سأله رجل فقال إنا نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة . قال فتقولون ماذا ؟ قال نقول ليس علينا في ذلك بأس . قال هذا كما قال أهل الكتاب ليس علينا في الأميين سبيل . إنهم إذا أدّوا الجزية لم يحلّ لكم أكل أموالهم إلا بطيبة أنفسهم . { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } بادعائهم أن ذلك في كتابهم { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنهم كاذبون { بَلَىٰ } إثبات لما نفوه من السبيل عليهم في الأميين ، أي بلى عليهم سبيل فيهم . وقوله { مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ } جملة مستأنفة مقرّرة للجملة التي سدّت بلى مسدّها ، والضمير في بعهده راجع إلى من أوفى ، على أنّ كل من أوفى بما عاهد عليه واتقى الله في ترك الخيانة والغدر ، فإنّ الله يحبه . فإن قلت ، فهذا عام يخيل أنه لو وفى أهل الكتاب بعهودهم وتركوا الخيانة لكسبوا محبة الله . قلت أجل ، لأنهم إذا وفوا بالعهود وفوا أول شيء بالعهد الأعظم ، وهو ما أخذ عليهم في كتابهم من الإيمان برسول مصدق لما معهم ، ولو اتقوا الله في ترك الخيانة لاتقوه في ترك الكذب على الله وتحريف كلمه . ويجوز أن يرجع الضمير إلى الله تعالى ، على أن كل من وفى بعهد الله واتقاه فإنّ الله يحبه ، ويدخل في ذلك الإيمان وغيره من الصالحات وما وجب اتقاؤه من الكفر وأعمال السوء . فإن قلت فأين الضمير الراجع من الجزاء إلى من ؟ قلت عموم المتقين قام مقام رجوع الضمير . وعن ابن عباس نزلت في عبد الله بن سلام وبحيرا الراهب ونظرائهما من مسلمة أهل الكتاب .